1683 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، عن أبو مصعب، عن مالك، أنه سمع إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، يقول: أنس بن مالك أكثر أنصاري أبو طلحة بالمدينة مالا، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها، ويشرب من ماء فيه طيب.
قال فلما أنزلت هذه الآية ( أنس: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ، قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن الله يقول في كتابه: ( أبو طلحة لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ) ، وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله، أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث شئت، فقال [ ص: 190 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بخ بخ، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت فيها، إني أرى أن تجعلها في الأقربين"، فقال أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة: في أقاربه وبني عمه. أبو طلحة كان
هذا حديث متفق على صحته، أخرجه عن محمد، وأخرجه عبد الله بن يوسف، عن مسلم، كلاهما عن يحيى بن يحيى، مالك.
قوله: بخ، معناه تعظيم أمر وتفخيمه، يقال: بخ بخ ساكنة الخاء، كما تسكن اللام من هل وبل، ويقال: بخ بخ منونا مخفوضا تشبيها بصه، وما أشبه من الأصوات.
وقال ابن السكيت: بخ بخ، وبه به بمعنى واحد.
وقوله: "ذلك مال رابح"، بالباء، أي: ذو ربح، كقولك: لابن وتامر، ويروى: رايح بالياء، أي: أنه قريب العائدة، يريد أنه من أنفس مالا وأحضره نفعا.
وفي هذا الحديث دليل على أن وكذلك لو حبس عقارا على رجل بعينه، فمات المحبس عليه، ولم يبين المحبس مصرفها بعد موته أنه يصرف إلى أقرب الناس بالمحبس، وذلك لأن الحبس إذا وقع أصله مبهما كان [ ص: 191 ] صحيحا، ويصرف إلى أقرب الناس بالمحبس، أبا طلحة جعل تلك الأرض صدقة لله سبحانه وتعالى، ولم يذكر سبلها، فصرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أقرب الناس إليه.
وهذا معنى قول ولا فرق بين أن يكون الأقرب إليه فقيرا أو غنيا، فإنه روي أن الشافعي: أبا طلحة جعلها بين حسان بن ثابت، ويروى: فتصدق به وأبي بن كعب، على ذوي رحمه، وكان منهم أبو طلحة أبي وحسان، وكان يعد من مياسير الصحابة. أبي بن كعب
وقال بعض أهل العلم: ويرد منتهاه إلى الفقراء والمساكين. لا يصح الوقف حتى يبين المصرف،