1555 - أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن علي الكركاني، نا ، أنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي ، نا أبو بكر محمد بن الحسين القطان ، نا أحمد بن يوسف السلمي نا سفيان، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن علقمة بن مرثد، عن أبيه، قال: ابن بريدة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، أنتم لنا فرط، ونحن لكم تبع نسأل الله العافية".
هذا حديث صحيح، أخرجه عن مسلم، ، عن أبي بكر بن أبي شيبة عن محمد بن عبد الله الأسدي، عن سفيان، عن علقمة بن مرثد، وقال: "نسأل الله لنا ولكم العافية". سليمان بن بريدة،
قال : فيه من الفقه أن أبو سليمان الخطابي كهو على الأحياء في تقديم الدعاء على الاسم، وكذلك في كل دعاء بخير، كقوله سبحانه وتعالى: ( السلام على الموتى، رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت ) [ ص: 469 ] ، وقال الله عز وجل: ( سلام على آل ياسين ) ، وفي خلافه قدم الاسم على الدعاء، وقال الله تبارك وتعالى: ( وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين ) وروي عن أبي جري جابر بن سليم الهجيمي، أنه سلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: عليكم السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " عليكم السلام تحية الموتى، قل: سلام عليك "، وليس المراد من هذا أن السنة في تحية الميت، أن يقول: عليكم السلام، بل هو إشارة إلى ما جرت به عادتهم في تحية الأموات، بتقديم الاسم على الدعاء، كما قال الشماخ: [ ص: 470 ]
عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم
الممزق.ونحو ذلك من الأشعار.
وقوله: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" ليس هذا باستثناء شك، ولكنه على عادة المتكلم يحسن به كلامه، كقول الرجل لصاحبه: إنك إن أحسنت إلي شكرتك إن شاء الله، وإن ائتمنتني لم أخنك إن شاء الله.
وفيه دليل على أن استعمال الاستثناء مستحب في الأحوال كلها، وإن لم يكن في الأمر شك، تبرؤا عن الحول والقوة إلا بالله، كما أخبر الله عن إسماعيل عليه السلام، حيث قال: ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) ، وعن موسى، حيث قال: ( ستجدني إن شاء الله صابرا ) ، وعن يوسف، حيث قال: ( ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين ) ، وعن شعيب، حيث قال: ( ستجدني إن شاء الله من الصالحين ) ، وعلم نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: ( لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين ) ، [ ص: 471 ] وقال: ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ) .
وقيل: الاستثناء يرجع إلى استصحاب الإيمان إلى الموت، أي نلحق بكم مؤمنين إن شاء الله، ولا يرجع إلى نفس الموت.