جماع أبواب السرقة من الآباء والأبناء والأزواج
اختلف أهل العلم في الرجل يسرق من مال والديه، فقالت طائفة: لا قطع عليه. كذلك قال الحسن البصري، والشافعي وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي، وقال لا يقطع من سرق من ذي محرم . سفيان الثوري:
وفيه قول ثان: وهو أن يقطع الولد إذا سرق من مال الوالد، وكذلك يحد إن زنى بجارية أبيه .
هذا قول وبه قال مالك بن أنس وكان أبو ثور، يقول: إذا سرق الأبوان من مال ولدهما لم (يقطعان) . وكذلك قال مالك بن أنس سفيان الثوري، والشافعي وأحمد وإسحاق، وأصحاب الرأي. واختلفوا فيمن يسرق من ذوات المحارم مثل العمة والخالة والأخت وغيرهن، فكان يقول: ونستحسن أن لا يقطع من سرق من ذي محرم، من خالة أو عمة أو أخت أو ذات محرم. وقال أصحاب الرأي: لا يقطع إذا سرق من ذي رحم محرم منه، وفي قول سفيان الثوري الشافعي وأحمد وإسحاق يقطع من سرق من سوى [ ص: 329 ] الأبوين والجد وولد الولد. والمملوك إذا سرق من مال المولى، كل من سرق من غير هؤلاء ما (يقطع في مثله اليد قطعت يده. وكان أبو ثور يقول:) يقطع كل سارق سرق مقدار ما يقطع فيه اليد إلا أن يجمعوا على شيء فيسلم ما أجمعوا عليه من ذلك للإجماع .
قال قال الله: ( أبو بكر: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) فعلى كل سارق سرق ما يجب في مثله القطع [قطع] إلا أن يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أزال القطع عن سارق. فيزال القطع عنه أو تجمع الأمة على شيء من ذلك فيسلم له .
قال واختلفوا في الزوجين يسرق كل واحد منهما من صاحبه، فروي عن أبو بكر: - وليس بثابت عنه - أنه قال: ليس على زوج المرأة في سرقة متاعها قطع. وحكى الشعبي عن ابن جريج عبد الكريم أنه قال: ليس على المرأة في سرقة متاعه قطع. وفي قول النعمان وأصحابه: لا قطع على الزوج والمرأة إذا سرق بعضهم من بعض .
وكان يقول: وأرى - والله أعلم - على الاحتياط لا يقطع الرجل لامرأته ولا المرأة لزوجها ولا عبد كل واحد منهما سرق من مال الآخر شيئا للشبهة والأثر فيه. وقد حكي عن الشافعي أنه قال: [ ص: 330 ] إذا [سرقت] من مال زوجها الذي لم يأمنها عليه في حرز منها قطعت . الشافعي
قال وهذا أصح مذهبيه، لأن القائل به مستعمل لظاهر قوله: ( أبو بكر: والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) فأما أن يستحسن إزالة ما أوجبه الله في كتابه بغير حجة فذلك غير جائز .
وقالت طائفة: يقطع الزوج والمرأة إذا سرق كل واحد منهما من صاحبه من بيت سوى البيت الذي هما فيه، فمن سرق من متاع صاحبه ما يجب فيه القطع، وكان ذلك محرزا عن صاحبه فعليه القطع. هذا قول وهو مذهب مالك، أحمد وإسحاق . [ ص: 331 ] وأبي ثور