[ ص: 601 ] بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب أحكام أمهات الأولاد
أجمع عوام أهل العلم على . أن الرجل إذا اشترى جارية شراء صحيحا ووطئها وأولدها ولدا أن أحكامها في أكثر أمورها أحكام الإماء
واختلفوا فيما لسيدها من بيعها وهبتها وإخراجها من ملكه بغير العتق : فمنعت طائفة من بيعها وهبتها ، وممن منع ذلك من علماء الأمصار ومن تبعه من أهل مالك بن أنس المدينة وسفيان الثوري والحسن بن صالح ومن وافقهما من أهل العراق من أصحاب الرأي وغيرهم ، وكذلك قال ومن قال بقوله من أهل الأوزاعي الشام ، وبه قال الشافعي وإسحاق وأبو عبيد ، وعليه أدركنا عوام أهل الفتيا [ ص: 602 ] من علماء الأمصار واحتجوا - أو من احتج منهم في ذلك - بحجج ، [فمما] احتجوا به منع أمير المؤمنين وأبو ثور من ذلك : . عمر بن الخطاب
8776 - حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن سالم ، عن الزهري ابن عمر أعتق أمهات الأولاد إذا مات سيدهن عمر بن الخطاب . أن
8777 - وحدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن عبد الله بن دينار قال : لقيه نفر فقال : من أين أقبلتم ؟ قالوا من ابن عمر العراق . قال : فمن لقيتم ؟ قالوا : . قالوا : فأحل لنا أشياء كانت تحرم علينا . قال : ما أحل لكم مما حرم عليكم ؟ قالوا : ابن الزبير ؟ قال : أتعرفون بيع أمهات الأولاد أبا حفص عمر نهى أن تباع أو توهب أو تورث . قال : ويستمتع منها صاحبها ما كان حيا فإذا مات فهي حرة .
8778 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز أبو نعيم ، قال : حدثنا عمر بن ذر ، قال : حدثني محمد بن عبد الله بن قارب أن أباه عبد الله بن قارب اشترى في عهد جارية بأربعة آلاف قد أسقطت لرجل سقطا ، فسمع بذلك عمر بن الخطاب عمر فأرسل إلي وإلى الرجل الذي باع ، وكان أبي صديقا لعمر وكانت له منه خاصة ، فأقبل عليه [ ص: 603 ] عمر فلامه لوما شديدا - أو قال : إن كنت لأنزهك عن هذا - وعلا الرجل البائع بالدرة ضربا ، فقال : بعدما اختلطت لحومكم ولحومهن ودماؤكم ودماؤهن بعتموهن فأكلتم أثمانهن ، قاتل الله اليهود حرمت عليهم شحومها ثم باعوها وأكلوا (ثمنها) ارددها ارددها ارددها . قال : فردها أبي ، فأدرك من الثمن ثلاثة آلاف وتوى ألف .
قال : وممن كان لا يرى أبو بكر بيع أمهات الأولاد ، وقد ذكرت إسناده بعد . وبه قال عثمان بن عفان عمر بن عبد العزيز وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وسالم وإبراهيم النخعي والزهري والحسن ، وقال جماعة منهم : لا تباع وإن بغت .
قال : واحتج بعض من يقول بهذا القول بحديث أبو بكر : . ابن عباس
8779 - حدثنا ، قال : حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا وكيع شريك ، عن حسين بن عبيد الله ، عن عكرمة ، عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن عباس "أيما رجل ولدت منه أمته فهي معتقة عن دبر" . [ ص: 604 ]
قال : وهذا إسناد فيه مقال ، واستدل آخر بحديث أبو بكر : . أبي سعيد الخدري
8780 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ابن حميد الطويل ، عن ابن أبي الأخضر ، عن ، عن ابن شهاب ، عن ابن محيريز أبي سعيد أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنا نصيب سبايا ونحب الأثمان ، فكيف ترى في العزل فقال : "أوإنكم لتفعلون ذلك لا عليكم ألا تفعلوا فإنها ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا وهي خارجة" .
قال هذا القائل : ففي قوله "ونحب الأثمان" مع ترك النبي صلى الله عليه وسلم إنكار ما قال عليه دليل على أن بيعهن غير جائز إذ لو كان ثمنها قائما وبيعها جائزا بعد الحمل لأشبه أن يقول له ما يمنعك من بيعها الحمل . وقال بعضهم : وقد كانت مارية أم ولد للنبي صلى الله عليه وسلم .
وقد اختلف فيما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال بعضهم : ما خلف ميراثا لورثته .
وقال آخرون : قال النبي صلى الله عليه وسلم : فلو جاز [ ص: 605 ] "لا نورث ، ما تركنا صدقة" لم [تخل] بيع أم الولد مارية من أن تكون ميراثا أو مبيعة يتصدق بثمنها .
ولا خلاف بينهم أنها لم تبع ولم يتصدق بثمنها ولا ورثها وارث ، ففي ذلك دليل على أنها صارت حرة بموت النبي صلى الله عليه وسلم . قال : وقد أجمع عوام علماء الأمصار من أهل المدينة والكوفة والشام ومصر والبصرة على المنع من بيع أمهات الأولاد . وقل ما يجمع من ذكرنا على شيء إلا كان الحق ولم يجز أن يعدل عن قول جماعتهم إذ غير جائز على عوامهم وجماعاتهم على افتراق آرائهم في كثير من أبواب العلم وافتراق أبدانهم أن يعدلوا عن الحق إلى ما ليس بصواب من القول .
8781 - حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ، قال : أخبرنا ، عن يحيى بن أبي بكير ، عن شعبة سيار ، قال سمعت يقول : الشعبي عمر بن الخطاب . إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ما قال
واحتج آخر فقال : يدل [النظر] على ترك . قال : لأن أهل العلم في جمل مذاهبهم يقولون : كل ولد حكمه حكم أمه ، حكموا لابن الحرة بحكم أمه ، وحكموا لابن الأمة بحكم أمه ، ولم يلتفتوا إلى الأب حرا كان أو عبدا ، زوجا كان أو زانيا ، فحكموا للولد بحكم أمه في حريته ورقه ، فلما أجمعوا على أن بيع أمهات الأولاد دل على أن حكم أمه مثل حكمه لأنه لا تلد أمة حرا وإنما تلد الحر [ ص: 606 ] الحرة . وقد اتفقوا على المنع من بيعها حتى تضع . ولد أم الولد حر
واختلفوا في بيعها بعد الولادة وغير جائز بيعها بعد أن أجمعوا على المنع من بيعها في حال ثان إلا بإجماع مثله . وقال قائل : قد روينا عن أنه قال لهم في آخر قوله : اقضوا كما كنتم تقضون . علي بن أبي طالب
8782 - حدثناه ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز أبو نعيم ، قال : حدثنا ، عن حماد بن زيد أيوب ، قال : سمعت محمدا يقول لأبي معشر : إني أتهمكم في كثير مما تذكرون عن علي لأني قال لي عبيدة : بعث إلي علي وإلى شريح فقال : إني أبغض الاختلاف ، فاقضوا كما كنتم تقضون حتى يكون للناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي .
قال : فقتل علي قبل أن تكون جماعة .
وأباحت طائفة من الأوائل . بيع أمهات الأولاد
8783 - حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، قال : أخبرنا السهمي ، قال : حدثنا عبد الله بن بكر هشام ، عن محمد ، عن عبيدة ، عن علي قال : اجتمع رأيي ورأي عمر على ، ثم رأيت بعد أن أقضي فيه كذا وكذا . فقلت له : رأيك ورأي عتق أمهات الأولاد عمر أحب إلي من رأيك وحدك في الفرقة .
8784 - حدثنا أبو أحمد ، قال أخبرنا يعلى قال : حدثنا ، عن إسماعيل بن أبي خالد عامر عن عبيدة ، عن علي قال : استشارني عمر في ، فرأيت أنا أمهات [ ص: 607 ] الأولاد وعمر أنها عتيقة إذا ولدت ، فقضى به عمر حياته وعثمان من بعده ، فلما وليت أنا رأيت أن أبيعها .
8785 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن [ ابن عيينة عمرو] بن دينار ، عن عطاء ، عن قال في ابن عباس . أم الولد : والله ما هي إلا بمنزلة بعيرك أو شاتك
قال : وقد ذكرنا عن أبو بكر قوله في هذا الباب ، ومما يحتج به من يميل إلى هذا القول في هذا الباب حديث ابن الزبير جابر وأبي سعيد .
8786 - حدثنا ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرني ابن جريج أبو الزبير أنه سمع يقول : جابر بن عبد الله كنا نبيع أمهات الأولاد والنبي صلى الله عليه وسلم فينا حي لا يرى بذلك بأسا .
8787 - حدثنا ، قال : حدثنا علي بن عبد العزيز حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن قيس ، عن عطاء ، عن ، قال : جابر بن عبد الله وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 608 ]
8788 - حدثنا ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا عمرو بن مرزوق ، عن شعبة زيد [العمي] ، عن أبي الصديق ، عن أبي سعيد ، قال : كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال : وقد دفع بعضهم حديث أبو بكر حسين بن عبيد الله ، وقال : تركه أحمد بن حنبل ، وقال : إذا لم يثبت خبر فسبيله النظر . ومن الدليل على ضعف حديث وعلي بن المديني حسين هذا الثابت عن من وجوه شتى أنه كان يرى بيعهن ولو كان عنده فيه حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما خالفه ولا عدل عن القول به . ابن عباس
فأما قصة مارية فقد يجوز أن تكون ماتت قبل النبي صلى الله عليه وسلم فلا يكون لما احتج به بعض الناس معنى ، أو تكون ماتت بعد النبي صلى الله عليه وسلم فلا تكون كغيرها لما خصت به من النبي صلى الله عليه وسلم وأنها محرمة على الخلق وليس لأحد أن يتزوجها إن كانت بقيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما ليس لأحد أن يتزوج أحدا من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أجمع أهل العلم على أن الفروج [ ص: 609 ] لا تحل إلا [بتزوج] أو ملك يمين وقد أجمع أهل العلم على أن أم الولد غير زوجة ما لم يحدث لها تزويجا ، لم يختلفوا أن لسيدها أن يتزوج أربعا من النساء ، وإذا لم تك زوجة فهي ملك يمين إذ الفرج لا يحل إلا بنكاح أو ملك يمين ، فإذا لم تكن زوجة وجاز وطؤها بملك اليمين وجب أن يكون لسيدها بيعها ، وليس في المسألة إجماع فيجب الامتناع من بيعها للإجماع وسبيل ما اختلف فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم النظر والنظر دال على إباحة بيعها إذا لم يمنع منه سنة ولا إجماع وقد اختلف فيه عن عمر .
8789 - حدثنا ، عن إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر أيوب ، عن ، عن ابن سيرين أبي العجفاء أن عمر قال : ، وإن كفرت وفجرت أو قال : زنت ، رقت . الأمة إذا أسلمت وعتقت وحصنت فإن ولدها يعتقها
قال : الأخبار التي قد بدأنا بذكرها ، عن أبو بكر عمر أصح من هذا الخبر ، وقد اختلف في هذا الإسناد فقال : عن حماد بن سلمة أيوب ، عن ، عن ابن سيرين أبي عطية الهمداني ، عن عمر . حدثنا ، عن علي بن عبد العزيز حجاج ، عن حماد . [ ص: 610 ]
وفي هذا الباب قول ثالث : روينا عن . عبد الله بن مسعود
8790 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا أبو عمر ، قال : حدثنا ، عن شعبة الحكم ، عن ، قال : انطلقت أنا ورجل منا إلى زيد بن وهب فسألوه عن عبد الله بن مسعود . أم الولد فقال : تعتق من نصيب ولدها
8791 - حدثنا ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرني ابن جريج عطاء أقام ابن الزبير أم حي أم ولد لمحمد بن صهيب يقال له خالد في مال ابنها . أن
8792 - حدثنا قال : حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ابن فضيل ، عن أشعث ، عن سالم أبي عروة ، عن ابن عباس . [ ص: 611 ] أنه جعل أم الولد من نصيب ولدها