ذكر حبس المفلس
قال : أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار وقضاتهم يرون أن أبو بكر وممن نحفظ ذلك عنه: الحبس في الدين. ، مالك بن أنس ، والشافعي وعبد الملك الماجشون، والنعمان وأصحابه، وأبو عبيد ، وحكي ذلك عن سوار، وعبيد الله بن الحسن . [ ص: 46 ]
وقال في الموسر: يحبسه الإمام حتى يقضي دينه، ولا أرى حبس المعسر . مالك
وقد روينا عن شريح أنه كان إذا قضى على رجل بحق قال: اربطوه، وربطه أن يحبس حتى يقوم، فإن أدى وإلا أمر به إلى السجن .
وروينا عن أنه قال: أنا إذا لم أحبس في الدين فأنا [أتويت] ماله . الشعبي
8402 - حدثنا ، عن علي بن عبد العزيز أبي عبيد قال: حدثنا ابن أبي زائدة، عن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر، عن قال: كان عبد الملك بن عمير علي بن أبي طالب قال: أله مال؟ فإن قال: نعم قد لجأه. قال: أقم البينة أنه لجأه وإلا أحلفناه بالله ما لجأه . إذا أتاه رجل برجل له عليه دين فقال: احبسه،
8403 - وحدثنا علي، عن أبي عبيد قال: حدثنا أحمد بن عثمان، عن ، عن ابن المبارك محمد بن سليم، عن عن غالب القطان، أبي المهزم ، عن ، أن أبي هريرة قال: إني معسر. فقال [ ص: 47 ] للآخر: ما تريد؟ قال: أريد أن تحبسه. فقال: هل له مال. قال: لا أعلمه. قال: فما تريد؟ قال: أريد أن تحبسه. فقال: لا، ولكن يطلب لك ولنفسه ولعياله. قال غالب: وشهدت الحسن قضى بمثل ذلك . رجلا أتاه تاجر فقال: إن لي على هذا دينا. فقال للآخر: ما تقول؟ قال: صدق. قال: فاقضه.
وقد روي عن أنه قضى في ذلك أبدا أنه يقسم ماله بين الغرماء ثم يتركه حتى يرزقه الله . عمر بن عبد العزيز
وقال في ذلك قال: لا نحبسه [ولكن] يسعى في دينه خير من أن نحبسه. وقال ذلك عبيد الله بن أبي جعفر أيضا . الليث بن سعد
قال : [ليس] يثبت ما رويناه عن أبو بكر علي، لأن وأبي هريرة، لم يلق عليا، وحديث [ عبد الملك بن عمير أبي المهزم ] لا يثبت عندهم . [ ص: 48 ]
قال : ليس يخلو أمر من عليه الدين من أحد [ثلاثة] وجوه [إما أن يكون] موسرا مانعا لما عليه، فإن وجد إلى مال له ظاهر سبيل وجب بيعه وقضاء ما عليه عنه، وإن لم يوصل إلى ذلك عوقب بالحبس ليخرج (مما) عليه، وقد رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد فيه مقال أنه أمر رجلا بلزوم رجل له عليه حق . أبو بكر
8404 - حدثنا قال: حدثنا أحمد بن سلمة النيسابوري إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عن النضر بن شميل، الهرماس بن حبيب العنبري قال: أخبرني أبي، عن جده أنه ثم لقيه بعد فقال: "ما تريد أن تفعل بأسيرك هذا يا أخا بني العنبر" استعدى رسول الله صلى الله عليه وسلم على غريم له فقال: "الزمه"، .
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد مجهول أنه قال: . [ ص: 49 ] "لي الواجد يحل عرضه وعقوبته"
وفسر ذلك ورواه عن الثوري، وبر "ليه" يعني: أذاه بلسانه "وعقوبته" حبسه .
8405 - حدثنا أبو زكريا يحيى بن زكريا الأعرج قال: حدثنا قال: أخبرنا إسحاق قال: حدثنا وكيع وبر بن أبي دليلة الطائفي قال: حدثني محمد بن ميمون بن مسيكة - وأثنى عليه خيرا - عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين في إسنادهما جميعا مقال.
8406 - حدثنا بأحدهما محمد بن مهل قال: حدثنا قال: أخبرنا عبد الرزاق ، عن معمر عن أبيه، عن جده، بهز بن حكيم، حبس رجلا في تهمة ساعة من نهار ثم خلى عنه . [ ص: 50 ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
8407 - وحدثنا بالحديث الآخر عن قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف قال: حدثنا زياد بن أيوب إبراهيم بن خثيم بن عراك، عن أبيه، عن جده، [عن ] أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة أظنه يوما وليلة استظهارا واحتياطا .
قال : أما حديث أبو بكر إبراهيم بن خثيم فليس بشيء، وفي الإسناد الأول مقال، وما منهما عندي صحيح .
قال : فإن أبو بكر فلا سبيل إلى حبسه إلى أن يوسر، قال الله جل ذكره: ( كان الذي عليه الدين معسرا وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) ، وثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال في رجل عليه دين: فقد أعلم صلى الله عليه وسلم أن لا سبيل إلى المعسر في حال عسرته . "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك"،
8408 - أخبرنا ابن عبد الحكم قال: أخبرنا قال: أخبرني ابن وهب عمرو بن الحارث ، ، عن والليث بن سعد ، عن بكير بن الأشج ، عن عياض بن عبد الله أنه قال: أبي سعيد الخدري أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 51 ] في ثمار ابتاعها فكثر دينه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا". فتصدق عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك" .
قال : والوجه الثالث أن يكون ممن لا يوقف على أمره، ولا تشهد له بينة بالعدم ولا عليه باليسار، وقد أخذ أموال الناس ولا يعلم جائحة أصابته أذهبت بماله، فحبس هذا يجب، لأن العلم قد أحاط بأخذه الأموال ولا يعلم زوالها ولا خروجها من يده فيعذر بذلك، فإن أتى ببينة على أنه [معدم] وجب إطلاقه، ولا يغفل القاضي المسألة (عنه) ، فإذا صح عنه إفلاسه أطلقه ثم لم يعده إلى الحبس حتى يثبت عنده ببينة أو بإقرار منه أن قد استفاد مالا فرجع إلى حالته الأولى . أبو بكر