مسائل من هذا الباب:
واختلفوا في . الغلام إذا بلغ، وأونس منه الرشد، ودفع إليه ماله ثم فسد بعد ذلك
فقالت طائفة: هو محجور عليه بالفساد، لأن العلة التي من أجلها وجب منعه من ماله بعد بلوغه الفساد، فمتى عاد مفسدا فقد رجعت العلة ووجب الحجر. هذا قول . وهو يشبه مذاهب أبي ثور ، وحكى الشافعي عن أبو ثور الكوفي أنه قال: لا يحجر عليه وما فعل فهو جائز .
واختلفوا في نكاح المحجور عليه بغير إذن وليه .
فقالت طائفة: النكاح باطل، هذا قول ، الشافعي . وأبي ثور
وقال أصحاب الرأي: النكاح جائز، إلا أن بعضهم قال: إن كان المهر الذي أمهر أكثر من مهر مثلها رد إلى مهر مثلها .
قال : وإذا نذر المحجور عليه نذورا كثيرة أو حلف بأيمان فحنث ووجبت عليه كفارات لم تطلق يده في ماله، وصام عن كل يمين ثلاثة أيام، وذلك أنه ممنوع من ماله، وهذا قول أبو بكر ، أبي ثور ومحمد بن الحسن. وحكى عن قائل أنه قال: يعطى ما يكفر به . أبو ثور
قال : وهذا لا معنى له، لأنه إذا مكن من ذلك أتلف ماله في يسير من الوقت، وإذا ظاهر صام عن ظهاره في قول أبو بكر أبي ثور ومحمد بن الحسن . [ ص: 17 ]
وإن جاز العتق في قول محمد ولم يجزئه عن ظهاره، و [سعى] العبد في قيمته. وفي قول أعتق عبدا عن ظهاره : العتق باطل . أبي ثور
وإن فالدية على العاقلة وعليه صوم شهرين متتابعين في قول قتل المحجور عليه رجلا خطأ ببينة أبي ثور ومحمد بن الحسن .
وإن قتل رجلا متعمدا بعصا قتل به في قول . وفي قول أبي ثور محمد: الدية على عاقلته مغلظة، ويصوم شهرين متتابعين. وفي قول : إذا كان الأغلب ممن ضرب بمثل هذه العصا أنها تقتل فعليه القود، وإن كان الأغلب أنها لا تقتل فالدية . الشافعي
وإذا أقر المحجور عليه في عبد له لم يولد في ملكه فقال: هذا ابني ومثله يولد لمثله، ففيها قولان: أحدهما: أن إقراره باطل في قول وبعض أصحابنا . أبي ثور
وقال محمد بن الحسن: هو حر، وهو ابنه، ويعتق الغلام، ويسعى في جميع قيمته .
فإن أعتق المحجور عليه عبدا كان حرا ويسعى في جميع قيمته في قول ابن الحسن .
وفي قول ، الشافعي ، وأكثر أصحابنا: العتق باطل، لأنه ممنوع من ماله. وبه نقول . وأبي ثور
وإذا جاءت جارية المفسد لماله بولد، فإن كان يطؤها لزمه الولد ولم ينظر إلى ما ادعى، لأن الولد للفراش، فإذا كانت فراشا لزمه الولد، هذا قول ، وحكاه عن أبي ثور . [ ص: 18 ] الشافعي
وإذا بطل شراؤه والغلام على ملك البائع، لأن شراءه وبيعه باطل هكذا قال اشترى المحجور عليه ابنه وهو معروف أنه ابنه ، وبه أقول. وزعم أبو ثور ابن الحسن أن شراءه فاسد ويعتق الغلام حين قبضه ويسعى في جميع قيمته للبائع ولا يكون للبائع في مال المشتري منه شيء .
قال : إذا بطل شراؤه فهو على ملك البائع فلم يعتق ويلزم الاستسعاء إذا أعتقه من ليس بمالك . أبو بكر
قال : وكل أبو بكر . ما أوجب الله على المحجور عليه من زكاة أو حج
فأما الزكاة فعلى وليه إخراج ذلك من ماله ودفعه إلى أهله المستحقين له .
وأما الحج فعلى وليه أن يتكارى له ويمونه في حجه، ويكون ذلك على يدي ثقة ممن يخرج مع الحاج يتولى الإنفاق عليه بالمعروف، وهذا قول ، الشافعي . وأبي ثور
وقال أصحاب الرأي: إذا أراد الحج لم يمنع من ذلك .
وإذا أراد العمرة لم يكن لوليه أن يمنعه في قول ، لأنه يرى العمرة فرضا كالحج . الشافعي
وقال أصحاب الرأي: يستحسن ذلك لاختلاف الناس فيه .
وهذا خطأ على قوله، لأنه يرى العمرة [تطوعا] ولا معنى للإذن فيما لا يلزمه على مذهبه .
وقال : وإذا أراد أن يعتمر لم يعط نفقة وذلك أن العمرة قد [ ص: 19 ] اختلف فيها ولا تجب باختلاف. وإذا كان [للمحجور] عليه والدان أو ولد، وهم في حال من الضعف تجب لهم النفقة أنفق عليهم من ماله في قول أبو ثور ، الشافعي ، وأصحاب الرأي. وإذا أصاب المحجور عليه في إحرامه ما يجب عليه فيه الفدية من قتل صيد أو لباس أو طيب وذلك كله من غير عذر وجب عليه الصوم في قول وأبي ثور ، أبي ثور وابن الحسن. وإن أصابه أذى أو احتاج إلى لباس أو استعمال طيب لعلة نزلت به، كفر عنه الوصي من ماله، وهذا خلاف ما يمسه مما لا عذر فيه، وهذا على مذهبهما أيضا، وبه نقول .
وإذا أتمها، [فإن قال] قائل: أعطوني ما أقضي به حجتي لم [يعط] في قول [وطئ] المحجور عليه في حجته فأفسدها ، لأنه لا يؤمن أن يفعل هذا في كل عام، وقيل له: تقضي إذا صلحت وخرجت عن الحجر. ويعطى في قول أبي ثور ابن الحسن ما يقضي به حجته حجة الإسلام وإن كثر ذلك منه. وإذا ترك طواف الزيارة حتى رجع إلى بلده فالنساء حرام عليه في قول الشافعي ، وأبي ثور والكوفي .
وإن سأل النفقة لم [يعط] ، وكان عليه إذا صلح أن يرجع فيطوف في قول ، وفي قول أبي ثور ابن الحسن يعطى النفقة للرجوع حتى يطوف [ ص: 20 ] يدفع ذلك إلى من ينفقه عليه، وإن أهل بحج تطوعا أو عمرة لم يعط ما يحج به ويعتمر، ويعطى نفقته كما كان يعطى وهو مقيم، فإن شاء خرج لا يزاد عليه. هذا قول . وفي قول أبي ثور محمد بن الحسن يجعل له من النفقة ما يكفيه لبدنه لو كان مقيما ما كنت أجعل له في منزله، وإن شاء خرج ماشيا، وإن كان موسرا كثير المال، وكان الحاكم يوسع عليه وهو مقيم وإن أراد أن يتكارى بما فضل عن قوته وينفق منه على نفسه القوت فعل ذلك به وتدفع النفقة إلى ثقة ينفقها عليه .
وإذا ففي قول اختلعت المحجور عليها من زوجها على مال. الشافعي ومحمد بن الحسن يكون طلاقا يملك فيه الرجعة وبطل المال .
وقال : فيها قولان: أحدهما: أن الخلع باطل، والآخر: أنه جائز، وله عليها المال إذا صلحت. ولو أن أبو ثور أبطل القاضي ذلك كله في قول غلاما أدرك مفسدا فباع مما ترك أبوه أو وهب هبات أو تصدق بصدقات الشافعي ، وابن الحسن . وأبي ثور
وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن إقرار المحجور عليه جائز على نفسه إذا أقر بزنا، أو سرقة، أو شرب خمر، أو قذف أو قتل فإن الحدود تقام عليه. هذا قول ، الشافعي ، وأصحاب الرأي، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم . [ ص: 21 ] وأبي ثور
وإذا أقر بمال لقوم أنه استهلكه لم يلزمه في حال الحجر ولا بعده في الحكم في الدنيا، ويلزمه فيما بينه وبين الله - تعالى - تأديته إذا خرج من الحجر إلى من أقر له به .
كذلك قال . الشافعي
وقال : لا يحكم عليه في ماله وعليه إذا صلح يؤخذ منه. وقال أبو ثور محمد بن الحسن: إذا لم يصدق على ذلك، فإن صلح بعد ذلك فأقر أنه استهلكه في حال فساده لم يلزمه أيضا . أودع المحجور عليه مالا فأقر أنه استهلكه
وإذا كانت فالنكاح باطل في قول امرأة محجور عليها زوجت نفسها رجلا كفؤا لمهر مثلها ، الشافعي ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأبي ثور . "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا"
وقال ابن الحسن : يرفع ذلك إلى القاضي فإن كان الرجل لم يدخل بها وكان كفؤا لها وتزوجها على مهر مثلها فالنكاح جائز إلا أن تكون استأذنت القاضي في ذلك، وإن كان نكاحا أقل من مهر مثلها بما لا يتغابن الناس فيه قيل لزوجها: أنت بالخيار فإن شئت فأتم لها مهر مثلها، والنكاح جائز، وإن أبى فرق بينهما ولم يكن طلاقا ولا صداق [ ص: 22 ] لها، وإن كان دخل بها فعليه أن يتم لها مهر مثلها ولا خيار في ذلك، والنكاح جائز .
وإذا . دفع الوصي إلى الصغير شيئا من ماله فقال: [اشتر] بهذا وبع
فإن سلم أخذه الوصي منه وإن ضاع غرمه الوصي في قول ، وذلك أنه دفعه إليه في وقت لا يستحق أن يدفع ذلك إليه . أبي ثور
وفي قول ابن الحسن : لا شيء على الوصي وإذا حجر القاضي على نفسه فرفع إلى قاض آخر لا يرى الحجر فأطلق عنه الحجر فأجاز شراءه وبيعه وأخذه وإعطاءه، فإن إطلاق هذا باطل في قول وغيره من أصحابنا، وهو محجور عليه للفساد القائم، وليس يحل القاضي شيئا ولا يحرمه ولا يمنع ما أباح الله، ولا يطلق ما حظر، وإذا كان القاضي جاهلا يبطل حكمه إذا خالف الكتاب والسنة . أبي ثور
وقال ابن الحسن : يجوز إطلاق هذا القاضي عنه وجاز ما أجاز له من بيع وشراء مما كان باع أو اشترى قبل إطلاقه عنه وبعد إطلاقه عنه، إلا أن يكون شيئا من بيوعه الأولى وشرائه رفع إلى القاضي الذي رأى حجره أو إلى قاض غيره يرى الحجر فأبطل بيوعه تلك وشراءه، ثم رفع إلى هذا القاضي الآخر الذي لا يرى الحجر فأبطل قضاء القاضي آخر يرى الحجر أو لا يراه، فإنه ينبغي له أن يجيز قضاء الأول فيبطل أشريته وبيوعه التي أبطلها الأول، ويبطل قضاء القاضي الثاني فيما أبطل من قضاء الأول، لأن هذا أمر يختلف فيه الفقهاء، والله أعلم . [ ص: 23 ]