ذكر استحلاف من لا يعلم بينه وبين صاحبه معاملة
ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، دخل في ذلك الأخيار والأشرار ، والمسلمون والكفار ، الرجال والنساء ، علم بين المدعي والمدعى عليه معاملة أم لم يعلم له حق لهم في [ ص: 25 ] ظاهر الخبر ، وقد اختلف في هذه المسألة فكان وأصحابه ، وأصحاب الحديث ولا أعلمه إلا قول أصحاب الرأي من أهل الشافعي الكوفة يقولون بظاهر هذا الخبر قال : كل من ادعى على امرئ شيئا ما كان من مال ، أو قصاص ، وطلاق ، وعتق ، وغيره ، أحلف المدعى عليه فإن حلف برئ ، وإن نكل ردت اليمين على المدعي فإن حلف استحق ، وإن لم يحلف لم يستحق ما ادعى ولا يقوم النكول مقام الإقرار ، وقال الشافعي أحمد : وذكر له قول أهل المدينة لا يستحلف الرجل بخصمه حتى يعلم بينهما معاملة قال : لا يعجبني .
قال و[قد ] قال من خالفنا ما قلناه أن البينة تقبل بغير سبب يعلم تقدم من معاملة بين المدعي وبين صاحبه وجب كذلك أن يستحلف المدعى عليه - وإن لم يعلم معاملة تقدمت بينهما - لأن مخرج الكلامين من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم واحد ، وما أحد من المعاملين في أول ما يعامل صاحبه إلا ولا معاملة كانت بينهما قبلها ، وفيه قول ثان . روينا عن أبو بكر : القاسم بن محمد أنه قال : فإذا ادعى الرجل الفاجر على الرجل الصالح الشيء يرى الناس أنه باطل ولم يكن بينهما معاملة . أنه [ ص: 26 ] لا يستحلف له . وذكر عن مالك [جميل ] بن عبد الرحمن المؤذن أنه كان يحضر إذ هو عامل على عمر بن عبد العزيز المدينة وهو يقضي بين الناس ، فإذا جاء الرجل يدعي على الرجل حقا نظر فإن كانت بينهما مخالطة أو ملابسة أحلف الذي ادعى قبله وإن لم يكن بينهما من ذلك شيء لم يحلفه . قال بعد ذكره حديث مالك جميل : وذلك الأمر عندنا .