حديث الإفك
قال رحمه الله : محمد بن الحسين
إن الله عز وجل لم يزد رضي الله عنها في قصة الإفك إلا شرفا ونبلا وعزا ، وزاد من رماها من المنافقين ذلا وخزيا ، ووعظ من تكلم فيها من غير المنافقين من المؤمنين بأشد ما يكون من الموعظة ، وحذرهم أن يعودوا لمثل ما ظنوا مما لا يحل الظن فيه فقال عز وجل ( عائشة ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ) .ميزوا رحمكم الله من هذا الموضع حتى تعلموا أن الله عز وجل سبح نفسه تعظيما لما رموها به ، ووعظ المؤمنين موعظة بليغة .
سمعت أبا عبد الله بن شاهين رحمه الله يقول : إن الله تبارك وتعالى لم يذكر أهل الكفر بما رموه به إلا سبح نفسه تعظيما لما رموه به ، مثل قوله عز وجل ( وقالوا اتخذ الرحمن ولدا ) . قال : فلما رميت [ رضي الله عنها ] بما رميت به من الكذب سبح نفسه تعظيما لذلك ، فقال عز وجل ( عائشة ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم ) .
فسبح نفسه جل وعز تعظيما لما رميت به [ رضي الله عنها ] . عائشة
[ ص: 2419 ] قال رحمه الله : محمد بن الحسين
فوعظ الله عز وجل المؤمنين موعظة بليغة ، ثم قال الله عز وجل ( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )
فأعلمنا الله عز وجل أن رضي الله عنها لم يضرها قول من رماها بالكذب ، وليس هو بشر لها ، بل هو خير لها ، وشر على من رماها ، وهو عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه من المنافقين ، وإن كان قد مضها وأقلقها وتأذى النبي صلى الله عليه وسلم وغمه ذلك إذ ذكرت زوجته وهو لها محب مكرم ، ولأبيها رضي الله عنه . عائشة
فكل هذه درجات له عند الله عز وجل ، حتى أنزل الله عز وجل براءتها وحيا يتلى ، سر الله الكريم به قلب رسوله صلى الله عليه وسلم وقلب وأبيها وأهلها وجميع المؤمنين ، وأسخن به أعين المنافقين . عائشة
رضي الله عنها وعن أبيها وعن جميع الصحابة وعن جميع أهل البيت الطاهرين .