131 - وحدثنا ابن عبد الحميد قال : حدثنا قال : حدثنا زهير أبو [ ص: 450 ] حذيفة الصنعاني ، قال : حدثني عبد الصمد بن معقل ، أنه سمع وهبا يقول : فإنك لا تعجز أحد رجلين : رجل هو أعلم منك ، فكيف تماري وتجادل من هو أعلم منك ؟ ورجل أنت أعلم منه ، فكيف تماري وتجادل من أنت أعلم منه ولا يطيعك ، فاقطع ذلك عنك " . " دع المراء والجدال عن أمرك ،
قال - رحمه الله - : محمد بن الحسين
من كان له علم وعقل فميز جميع ما تقدم ذكري له ، من أول الكتاب إلى هذا الموضع ، علم أنه محتاج إلى العمل به ، فإن أراد الله به خيرا ، لزم سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم ، ومن تبعهم بإحسان من أئمة المسلمين في كل عصر ، وتعلم العلم لنفسه لينتفي عنه الجهل ، وكان مراده أن يتعلمه لله تعالى ، ولم يكن مراده ، أن يتعلمه للمراء ، والجدال والخصومات ، ولا لدنيا ، ومن كان هذا مراده سلم إن شاء الله تعالى [ ص: 451 ] من الأهواء والبدع والضلالة ، واتبع ما كان عليه من تقدم من أئمة المسلمين الذين لا يستوحش من ذكرهم ، وسأل الله - تعالى - أن يوفقه لذلك .
فإن قال قائل : فإن كان رجل قد علمه الله - تعالى - علما ، فجاءه رجل يسأله عن مسألة في الدين ، ينازعه فيها ويخاصمه ، ترى له أن يناظره حتى تثبت عليه الحجة ، ويرد عليه قوله ؟
قيل له : هذا الذي نهينا عنه ، وهو الذي حذرناه من تقدم من أئمة المسلمين .
فإن قال قائل : فماذا نصنع ؟
قيل له : إن كان الذي يسألك مسألته ، مسألة مسترشد إلى طريق الحق ، لا مناظرة ، فأرشده بألطف ما يكون من البيان بالعلم من الكتاب والسنة وقول الصحابة ، وقول أئمة المسلمين رضي الله عنهم ، وإن كان يريد مناظرتك ، ومجادلتك ، فهذا الذي كره لك العلماء ، فلا تناظره واحذره على دينك ، كما قال من تقدم من أئمة المسلمين إن كنت لهم متبعا .
فإن قال : فندعهم يتكلمون بالباطل ، ونسكت عنهم ؟
قيل له : سكوتك عنهم ، وهجرتك لما تكلموا به أشد عليهم من [ ص: 452 ] مناظرتك لهم ، كذا قال من تقدم من السلف الصالح من علماء المسلمين .