البحث الثامن عشر : في
الإجماع المعتبر في فنون العلم هو إجماع أهل ذلك الفن العارفين به دون من عداهم ، فالمعتبر في الإجماع في المسائل الفقهية قول جميع الفقهاء ، وفي المسائل الأصولية قول جميع الأصوليين ، وفي المسائل النحوية قول جميع النحويين ، ونحو ذلك ، ومن عدا أهل ذلك الفن هو في حكم العوام ، فمن اعتبرهم في الإجماع اعتبر غير أهل الفن ، ومن لا فلا . الإجماع المعتبر في فنون العلم
وخالف في ذلك فقال في كتاب الخصائص : إنه لا حجة في ابن جني قال إجماع النحاة الزركشي في البحر ، ولا خلاف في اعتبار قول المتكلم في الكلام ، والأصولي في الأصول ، وكل واحد يعتبر قوله إذا كان من أهل الاجتهاد في ذلك الفن ، وأما الأصولي الماهر المتصرف في الفقه ففي اعتبار خلافه في الفقه وجهان ، حكاهما الماوردي ، وذهب القاضي إلى أن خلافه معتبر ، قال الجويني وهو الحق .
[ ص: 275 ] وذهب معظم الأصوليين منهم إلى أن خلافه لا يعتبر ; لأنه ليس من المفتين ، ولو وقعت له واقعة لزم أن يستفتي المفتي فيها ، قال أبو الحسن بن القطان إلكيا : والحق قول الجمهور ; لأن من أحكم الأصلين فهو مجتهد فيهما ، قال الصيرفي في كتاب الدلائل : إجماع العلماء لا مدخل لغيرهم فيه سواء المتكلم وغيره ، وهم الذين تلقنوا العلم من الصحابة ، وإن اختلفت آراؤهم ، وهم القائمون بعلم الفقه ، وأما من انفرد بالكلام لم يدخل في جملة العلماء ، فلا يعد خلافا على من ليس مثله ، وإن كانوا حذاقا بدقائق الكلام .