البحث الثاني عشر : بحث
هل يجوز الإجماع على شيء وقد وقع الإجماع على خلافه الإجماع على شيء بعد الإجماع على خلافه
فقيل : إن كان الإجماع الثاني من المجمعين على الحكم الأول ، كما لو اجتمع أهل مصر على حكم ثم ظهر لهم ما يوجب الرجوع عنه ، وأجمعوا على ذلك الذي ظهر لهم ، ففي جواز الرجوع خلاف مبني على الخلاف المتقدم في، فمن اعتبره جوز ذلك ، ومن لم يعتبره لم يجوزه ، أما إذا كان الإجماع من غيرهم فمنعه الجمهور ; لأنه يلزم تصادم الإجماعين وجوزه اشتراط انقراض عصر أهل الإجماع أبو عبد الله البصري . قال الرازي وهو الأولى .
واحتج الجمهور بأن كون الإجماع الأول حجة يقتضي امتناع حصول إجماع آخر مخالف له . وقال أبو عبد الله البصري : إنه لا يقتضي ذلك ; لإمكان تصور كونه حجة إلى غاية هي حصول إجماع آخر ، قال الصفي الهندي : ومأخذ أبي عبد الله قوي ، وحكى أبو الحسن السهيلي في أدب الجدل له في هذه المسألة ، أنها إذا أجمعت الصحابة على قول ، ثم أجمع التابعون على قول آخر ، فعن جوابان : الشافعي
أحدهما : وهو الأصح ، أنه لا يجوز وقوع مثله ; لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر أن أمته لا تجتمع على ضلالة .
والثاني : لو صح وقوعه فإنه يجب على التابعين الرجوع إلى قول الصحابة ، وقال : وقيل : إن كل واحد منهما حق وصواب على قول من يقول : إن كل مجتهد مصيب ، وليس بشيء ، انتهى .