فرع : في تعريف الصحابي
إذا عرفت أن الصحابة كلهم عدول ، فلا بد من بيان من يستحق اسم الصحبة ، وقد اختلفوا في ذلك :
فذهب الجمهور إلى أنه من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنا به ولو ساعة ، [ ص: 228 ] سواء روى عنه ، أم لا .
وقيل : هو من طالت صحبته وروى عنه ، فلا يستحق اسم الصحبة إلا من جمع بينهما .
وقيل : هو من ثبت له أحدهما ، إما طول الصحبة ، أو الرواية .
والحق ما ذهب إليه الجمهور ، وإن كانت اللغة تقتضي أن الصاحب هو من كثرت ملازمته ، فقد ورد ما يدل على إثبات الفضيلة لمن لم يحصل له منه إلا مجرد اللقاء القليل أو الرؤية ولو مرة .
وقد ذكر بعض أهل العلم اشتراط الإقامة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة فصاعدا ، أو الغزو معه ، روي ذلك عن ، وقيل ستة أشهر ، ولا وجه لهذين القولين ; لاستلزامهما خروج جماعة من الصحابة الذين رووا عنه ، ولم يبقوا لديه إلا دون ذلك ، وأيضا لا يدل عليهما دليل من لغة ولا شرع . سعيد بن المسيب
وحكى عن القاضي عياض أنه يشترط أن يكون بالغا ، وهو ضعيف ; لاستلزامه لخروج كثير من الصحابة الذين أدركوا عصر النبوة ، ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبلغوا إلا بعد موته . الواقدي
ولا تشترط الرؤية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ; لأن من كان أعمى مثل قد وقع الاتفاق على أنه من الصحابة . ابن أم مكتوم
وقد ذكر الآمدي وابن الحاجب وغيرهما من أهل الأصول ، أن الخلاف في مثل هذه المسألة لفظي ، ولا وجه لذلك ، فإن من قال بالعدالة على العموم ، لا يطلب تعديل أحد منهم ، ومن اشترط في شروط الصحبة شرطا ، لا يطلب التعديل مع وجود ذلك الشرط ، ويطلبه مع عدمه ، فالخلاف معنوي لا لفظي .