البحث السادس : في قرائن المجاز
اعلم أن القرينة إما خارجة عن المتكلم والكلام ، أي لا تكون معنى في المتكلم وصفة له ، ولا تكون من جنس الكلام ، أو تكون معنى في المتكلم ، أو تكون من جنس الكلام . وهذه القرينة التي تكون من جنس الكلام إما لفظ خارج عن هذا الكلام الذي يكون المجاز فيه ، بأن يكون في كلام آخر لفظ يدل على عدم إرادة المعنى الحقيقي ، أو غير خارج عن هذا الكلام بل هو عينه ، أو شيء منه يكون دالا على عدم إرادة الحقيقة .
ثم هذا القسم على نوعين :
إما أن يكون بعض الأفراد أولى من بعض في دلالة ذلك اللفظ عليه ، كما لو قال : كل مملوك لي حر ، فإنه لا يقع على المكاتب مع أنه عبد ما بقي عليه درهم ، فيكون هذا اللفظ مجازا من حيث إنه مقصور على بعض الأفراد ، أو لا يكون أولى وهو ظاهر .
[ ص: 104 ] أما القرينة التي تكون لمعنى في المتكلم فكقوله سبحانه : واستفزز من استطعت منهم الآية ، فإنه سبحانه لا يأمر بالمعصية .
وأما القرينة الخارجة عن الكلام فكقوله : فمن شاء فليؤمن ، فإن سياق الكلام وهو قوله : إنا أعتدنا يخرجه عن أن يكون للتخيير .
ونحو : طلق امرأتي إن كنت رجلا ، فإن هذا لا يكون توكيلا ; لأن قوله : إن كنت رجلا يخرجه عن ذلك ، فانحصرت القرينة في هذه الأقسام .
ثم القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي قد تكون عقلية ، وقد تكون حسية ، وقد تكون عادية ، وقد تكون شرعية فلا تختص قرائن المجاز بنوع من هذه الأنواع دون نوع .