المسألة الثالثة : في جواز تخصيص العمومات
اتفق أهل العلم - سلفا وخلفا - على أن جائز ، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به ، وهو معلوم من هذه الشريعة المطهرة ، لا يخفى على من له أدنى تمسك بها ، حتى قيل : إنه لا عام إلا وهو مخصوص إلا قوله تعالى : التخصيص للعمومات والله بكل شيء عليم قال الشيخ علم الدين العراقي ليس في القرآن عام غير مخصوص إلا أربعة مواضع :
أحدها : قوله حرمت عليكم أمهاتكم فكل ما سميت أما من نسب أو رضاع أو من أم أم ، وإن علت فهي حرام .
ثانيها : قوله كل من عليها فان ، فإن كل نفس ذائقة الموت ، ثالثها : قوله تعالى والله بكل شيء عليم .
[ ص: 413 ] رابعها : قوله والله على كل شيء قدير .
واعترض على هذا : بأن القدرة لا تتعلق بالمستحيلات ، وهي أشياء ، وقد ألحق بهذه المواضع الأربعة قوله تعالى : وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها .
وقد استدل من لا يعتد به بما لا يعتد به ، فقال : إن التخصيص يستلزم الكذب ، كما قال من قال بنفي المجاز : إنه ينفي فيصدق في نفيه .
ورد ذلك : بأن صدق النفي إنما يكون بقيد العموم ، وصدق الإثبات بقيد الخصوص ، فلم يتوارد النفي والإثبات على محل واحد .
وما قالوه : من أنه يلزم البداء مردود بأن ذلك إنما يلزم لو أريد العموم الشامل لما خصص ، لكنه لم يرد ابتداء ، وإنما أريد الباقي بعد التخصيص ، وقد قيد بعض المتأخرين خلاف من خالف في جواز التخصيص ، ممن لا يعتد به بالأخبار لا بغيرها من الإنشاءات ، ومن جملة من قيده بذلك . الآمدي
وعلى كل حال ، فهو قول باطل ، ومذهب عن حلية التحقيق والحق عاطل .