بدا الأسبوع الماضي ـ بالنسبة إلى المراقبين غير المواظبين ـ وكأنه يأتي بأنباء جيدة نسبيًا من العراق ؛ فقد نشر الإعلام أخبارًا عن اعتقال الرجل الثاني في تنظيم أبي مصعب الزرقاوي، فيما اكتشف جنود قوات مشاة البحرية الأمريكية في الفلوجة غرف التعذيب ورهائن كانوا سجناء ومختبرات لتصنيع القنابل والمتفجرات والدروع التي كانت مخزنة في المساجد، وأعلن مستشار الأمن القومي العراقي قاسم داوود: "بعد الفلوجة، رأينا النشاطات الإرهابية والتفجيرات والألغام خف بصورة واضحة في بغداد وأمكنة أخرى، وهو ما يؤكد تحليلنا بأن الفلوجة كانت ملاذًا آمنًا للإرهابيين".
يا لها من فذلكة إعلامية، فنظرة متفحصة يومية إلى الحرب الأسبوع الماضي تبرز صورة مختلفة تمامًا.. فيوم الاثنين اغتيل رجل دين سني بارز في الموصل، وفي البصرة قام المتمردون بتفجير أنبوب نفطي حجمه 42 بوصة يقوم بتغذية محطة تصدير النفط في المنطقة، وإحدى الشركات الأمنية أحصت 94 هجومًا على قوات الحكومة والتحالف.. وكان هذا كله يوم الاثنين فقط.
وبحلول نهاية الأسبوع كان عدد آخر من الاغتيالات وتفجيرات أنابيب النفط والتفجيرات قد اجتاح البلاد، هذا في الوقت الذي تواصل فيه تدهور إمكانات عقد انتخابات ذات مصداقية في يناير المقبل. ونحو خُمس مراكز التسجيل الانتخابي تم إغلاقها عمليـًا كما يقول المسؤولون العراقيون.
ودعت مجموعة من السياسيين النافذين رئيس الوزراء العراقي إياد علاوي إلى تأجيل الانتخابات لستة أشهر من أجل استعادة النظام والأمن في البلاد. ولكن مثل هذا التأجيل يمكن أن يستدر ردة فعل قاتلة من آية الله علي السيستاني – زعيم الشيعة – وإذا اعترض السيستاني على تأجيل الانتخابات فإن الاضطرابات التي قد تتلو ذلك ستجعل اضطرابات الأسبوع الماضي تبدو وكأنها شكل مدجن من الاضطراب.
علاوي ظل صامدًا على موقفه السبت الماضي. فقد أعلن الناطق باسمه ثائر النقيب أن علاوي كان "على اتصال وثيق" بالسيستاني. وقال: "إن رئيس الوزراء لا يريد أن يؤجل الانتخابات". وهذا يترك علاوي والتحالف الذي ترأسه الولايات المتحدة في معضلة؛ كيفية جعل الانتخابات ذات مصداقية في الوقت الذي تكون فيه الغالبية السنية غير قادرة على المشاركة في الانتخابات أو غير راغبة في ذلك. حركة التمرد في العراق مشكِّلة منذ البداية من العرب السنة أساسًا. وإذا لم يكن هؤلاء جزءًا من الحل السياسي، فإنهم سيكونون جزءًا من المشكلة العسكرية لفترة طويلة مقببلة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نيوزويك: 7 ديسمبر2004