رغم قدم التعليم العربي الإسلامي - نسبيا- في نيجيريا وانتشاره بدرجة لابأس بها، فإنه لا يزال مقصورا على أوساط الرجال فقط دون النساء، وقد تمخض عن ذلك سلبيات كثيرة، حيث شهدت الأوساط النسائية غيابا تاما للنشاطات الدعوية والعلمية والتوعوية التي تتزعمها قيادات نسائية على غرار الدعاة والعلماء والفقهاء الرجال من النيجيريين، والسبب الرئيسي في ذلك قلة حظ الإناث من التعليم العربي الإسلامي الذي يعد مفتاحاً ومدخلاً طبيعيا لهذا المجال الحيوي0
ويعد تعليم الفتيات للعلوم العربية والإسلامية من المشكلات التي تتحدى مسلمي نيجيريا عامة، وتهدد مستقبل التنشئة العلمية والتربوية معاً، وظلت أكثر المشاكل بروزا في منطقة الجنوب الغربي لنيجيريا التي تسيطر عليها الكوادر المسيحية بسبب أنها أول موطن نزل بها الاستعمار الأوربي0
تعليم الفتيات مشكلة قديمة
وتعليم الفتيات يمثل في مجمله مشكلة قديمة ومعقدة، حيث تعاني الأوساط النسائية من تخلف واضح في مجال التعليم سواء أكان التعليم العربي أم التعليم النظامي الغربي، فهناك عدة إشكاليات ترتبط بمسألة التعليم العربي الإسلامي للمرأة النيجيرية بسبب مضاعفاتها الممتدة والمؤثرة في العديد من النواحي، والتي من أهمها:
- إشكالية الوضع الاجتماعي، وما تسود الأوساط الاجتماعية الأسرية من خلافات ونزاعات في الحياة الزوجية نتيجة تفشي الجهل وانتشار الأمية بدرجة كبيرة وعالية بين النساء0
- إشكالية أخرى هي انعدام النموذج للتربية المتكاملة للإناث، والذي يجمع بين التمسك بالأصالة الإسلامية وتعاليمها والأخذ بالعلوم العصرية0
- إشكالية قديمة تواجه الدعاة إلى الله، وهي كيفية اختراق الداعية عالم النساء، نظرا للطبيعة الخاصة لهذا العالم، والذي يكتنفه العديد من الغموض وتسيطر عليه بعض المخاوف0
- إشكالية الحملات التنصيرية التي تستهدف الفتيات المسلمات عن طريق استغلال جهلهن بأمور الدين، وبعدة أساليب مختلفة للإغراء والتضليل0
أسباب وعوامل كثيرة تقف وراء هذه المشكلة وتفاقمها في المجتمع النيجيري، ويمكن أن نلخصها في الأمور التالية:
1- أخذ المدارس العربية بمراعاة الضوابط الشرعية بمنع الاختلاط بين الجنسين بعدم إفساح المجال للتعليم المختلط ، ويتواكب مع ذلك عدم القدرة على فتح مدارس خاصة ومستقلة للإناث، مما فوت فرص التعليم أو إكماله على البنات0
2- حرص أولياء الأمور على المحافظة على العادات والتقاليد الخاصة بمراعاة سن الزواج للإناث، مما يقطع الطريق عليهن مواصلة التعليم فوق الابتدائي في أحسن الحالات0
3- المستقبل الوظيفي لم يكن مشجعا لدفع البنات نحو التعليم العربي الإسلامي، فليس هنا معلمات أو موظفات أو داعيات يمكن الاعتداد بمكانتهن في المجتمع النيجيري0
كل ذلك كان من بين الأسباب التي أسهمت في ضعف حركة البنات نحو التعليم العربي الإسلامي على عكس التعليم الغربي الحديث الذي يتدافع إليه الشباب والبنات على السواء0
بادرة خير طيبة
في خضم هذه الإشكاليات والتحديات، خرجت فكرة إنشاء معهد إسلامي يتولى ويتخصص في تعليم الفتيات المسلمات وتأهيلهن بالمعارف الإسلامية تأهيلا سليما، وليكون الأول من نوعه على طول البلاد وعرضها، خاصة للفتيات المسلمات المحجبات المنقبات واللائي تنخفض نسبة التعليم في صفوفهن إلى أقل من 3%، وقد تم تأسيس المعهد الحي لتعليم البنات اللغة العربية والدراسات الإسلامية بيد الشيخ نجم الدين عمران، أحد خريجي الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، في مدينة ايوو ولاية اوشن عام 1411هـ الموافق 1991م.
أهداف المعهد
أهم ما يميز المعهد، إضافة إلى كونه أول معهد يعنى بتعليم الفتيات المحجبات المنقبات، الأهداف النبيلة الكامنة وراء إنشائه، وهي كما ورد في لائحته كالآتي:
1- تسليح الفتيات المسلمات بالمبادئ العقائدية الصافية عن الشوائب والضلال والانحراف.
2- تخريج داعيات مسلمات يساهمن في مسيرة الدعوة إلى الله.
3- تعميق معارف ومهام الأخوات المسلمات في مجال العلوم الشرعية.
4- توسيع دائرة المشاركة النسائية عن طريق تأهيل الفتيات المسلمات تأهيلا مناسبا يلبي مطالب المجتمع.
5- تخريج حفظة كتاب الله من الإناث في سن مبكرة.
وقد استطاع المعهد بحلول عام 2000م أن يحتفل ومعه جموع المسلمين في المنطقة بتخريج أول دفعة من خريجات الثانوية من المعهد، الشيء الذي يبشر بميلاد كوادر جديدة في صفوف البنات المحجبات، والأمر الآخر الذي يجب التنويه به هو الدور المهم الذي بدأت خريجات المعهد وطالباته الاضطلاع به من خلال:
- تفعيل المنتديات المدنية النسائية مثل المجالس المحلية للنساء. - ترشيد أنشطة الجمعيات والمنظمات النسائية في البلاد مثل: اتحاد طالبات المدارس
-تعاظم الدور الدعوي والتوعوي للنساء عن طريق القيام بنشاطات علمية دعوية مختلفة في حلقات وجولات دعوية.
-المشاركة في نشاطات مدارس محو الأمية للبنات والكبيرات من النساء.
-المشاركة في نشاطات تحفيظ القران الكريم للإناث0
كما أن مبادرات بعض المؤسسات الخيرية السعودية بتحمل أجزاء من رواتب الناشطات والمتفوقات من معلمات وخريجات المعهد قد أسهمت في تلك التطورات الإيجابية التي شهدتها الحركة التعليمية للنساء في نيجيريا0
فعلى الرغم مما يواجه هذا المعهد من مشكلات مادية واحتياجه إلى عدد من كوادر وتسهيلات أخرى مثل فصول دراسية وبناء مرافق إدارية فقد قام بدور حيوي ملموس في سد ثغرات طالما أتي من قبلها المسلمون في تلك المنطقة.
- الكاتب:
نيجيريا - الخضر عبد الباقي محمد - التصنيف:
الأسرة اليوم