أُمَّـاه لا تحـزني إن جــاءك الخـبـرُ | أو قيل طال به يا أُمَّهُ السفـرُ | |
لا تُهرقي دمعَكِ الغالي إذا خَطَرَتْ | يا حبة القلب بعد الغيبة الفِكَرُ | |
قرِّي ونامي ومـلء العـين فـرحتها | إني هنـاك بـدار الخـلد أنتظر | |
لمـا سـمـعتُ نــداءَ الحـق يـدعوني | تسابق القلب والإحساس والبصر | |
فما وجدتُ ســوى نفـسي أقـدمـهـا | لله، لم يثنها عن عزمها الخطر | |
كان الصباحُ جميلا حينما انطلقتْ | ساقاي نحو العلا يحدوهما الظَّفَرُ | |
كـأن أنـســامـه مــن جـنة عـبقـت | روحي وأعطارُه في الأفق تنتشر | |
يا كم تمنيت يا أمـاه في صـغـري | نيل الشهادة لم يَنْعَمْ بها الصِّغَرُ | |
حتى أفـاء الذي نفسي بقبضته بها | عـليَّ وَجُـودُ اللهِ يُـدَّكـرُ | |
أرنو إلى الموت إن الموت في شَمَمٍ | بطعنة الرمح أو بالسيف يُعتبر | |
والموتُ فوق فراش الذل في فزع | ذنب لصاحبه يا ليتَ يُغْتَفَرُ | |
لـمـا رأيـتُ عــدوَّ الله في وطـني | قد ضاق ذرعا به المِحراث والشجر | |
وأنَّت الروضةُ الحسناءُ إذ عَبَثَـتْ | كَفُّ اللئيم بها واستـنجـد الثـمر | |
ومسجدُ القدس يشكو غَدْرَ مُغتصب | يدعو أيا مسلما من لي سينتصر | |
يشكو فـلم يستجب يـوما لصرختـه | إلا القلـيـل وجُـلُّ الناس مُسـتتر | |
كـأنـمـا الأرضُ آذانٌ بهـا صَــمَـمٌ | وَقَلْبُ سُكَّانها الجلمود والحجـر | |
والعالَم المُبتلى بالصـمـت مُـنشغل | بالكأس باللاعب المشهور يفتخر | |
يهـزه حـارسُ المـرمـى وطَـلْعَـتُـه | أو نجمـةٌ زيَّنت أعطـافَهـا الدُّرَرُ | |
وتُذْرَفُ الدمعةُ الحرى إذا مرضت | أو أعلنت موتَها الأنباءُ والصورُ | |
يَهــتَز عَــالَمُـنـا لـو قِـطـة ذُبـحـت | ولا يـحـركـه لـو يُـذبـح البـشـر | |
من أجل ذاك أيا محبوبتي انْطَلَقَتْ | رُوحِي كقـنبلـة في البغي تنفجر | |
ولو مَلَكْتُ سِوى الروح التي قُبِضَت | ألفا لفجرتها في وَجْهِ مَنْ غَدروا | |
أجــود بالـنـفـس كي تبقى كرامتُنا | تاجا على الرأس يا أماه يزدهـر | |
فَبَارِكِي يـا حيـاة الـقـلب تضحيتي | ولا تُـبـالـي فـإن الموتَ لي قَدَرُ | |
نامي وقري وملء العين فرحتـها | إني هنـاك بـدار الـخـلـد أنتـظـر | |
هـذي وصيةُ مَـنْ أرضعتِـهِ شَمَما | فلتقرئي مـا بهـا إن تُسـدَل السُّتُر | |