لقد سدت الشريعة كل الأبواب المؤدية إلى الفتنة، فمنعت الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية، ومنعت الخضوع بالقول للنساء، ومن مزالق الشيطان الخطيرة التواصل بين الرجال والنساء عبر وسائل التواصل، وإنشاء المحادثات الخاصة، وهذه المحادثات، وإن كانت لا تعتبر خلوة إلا أنها من أعظم أسباب الفتنة كما هو مشاهد، ومعلوم، وترجع خطورتها لعدة أسباب منها:
أولا: الإنترنت موطن تنعدم فيه الرقابة، ولا توجد فيه متابعة ولا ملاحقة، فيفضي كلا الطرفين إلى صاحبه بما يشاء دون خوف الرقيب، وهذا يفتح المجال لوساوس الشيطان، وأهواء النفوس المريضة فينتج عنه من فساد القلب، وتردي الأخلاق ما الله به عليم.
ثانيا: التواصل بين الجنسين ذريعة إلى الوقوع في المحظورات بداية من اللغو في الكلام، ومرورا بالكلام في الأمور الخاصة، وما شابهها، وانتهاء بتخريب البيوت، وانتهاك الأعراض، والواقع يشهد بذلك، وكم جرَّت هذه المحادثات على أهلها من شر وبلاء، حتى أوقعتهم في عشق وهيام، وقادت بعضهم إلى ما هو أعظم من ذلك، والشيطان يخيل للطرفين من أوصاف الطرف الآخر ما يوقعهما به في التعلق المفسد للقلب المفسد لأمور الدنيا والدين، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إن الدنيا حلوةٌ خضرة، وإن الله مستخلفُكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)[مسلم].
ثالثا: يؤدي إلى مساوئ الأخلاق كالكذب، وغيره، فربما دخل الأب على ابنته، أو الزوج على زوجته وسألها ماذا تصنع، فتلوذ بالكذب وتقول: إنني أحدث إحدى صديقاتي. وكذلك الأبناء أيضا.
رابعا: يدعو إلى تعلق القلوب بالخيال، والمثالية حيث يصور كل طرف لصاحبه أنه بأكمل الصفات، ويخفي عنه معايبه وقبائحه حيث الجدران الكثيفة، والحجب المنيعة التي تحول دون معرفة الحقائق، فإذا بالرجل، والمرأة وقد تعلق كل منهما بالوهم والخيال، ولا يزال يعقد المقارنات بين الصورة التي طبعت في ذهنه، وبين الواقع الذي يعايشه مع زوجته، أو تعايشه المرأة مع زوجها، أو تراه الفتاة فيمن يتقدم لخطبتها.
ضوابط التواصل بين الجنسين عبر الإنترنت:
عند استخدام الإنترنت لابد أن يتقيد المستخدم بعدة ضوابط تحقق الاستفادة من هذه الشبكة مع السلامة من أضرارها، ومن هذه الضوابط:
أولا: الاكتفاء بالكتابة، دون محادثة شفوية، وإذا احتيج إلى المحادثة فتكون دون استخدام الصورة بأي حال خاصة صور النساء مع مراعاة التوجيه الرباني: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفاً}[الأحزاب:32]، قال القرطبي: "أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا وكلامهن فصلا، ولا يكون على وجه يظهر في القلب علاقة بما يظهر عليه من اللين، كما كانت الحال عليه في نساء العرب من مكالمة الرجال بترخيم الصوت ولينه، مثل كلام المريبات والمومسات. فنهاهن عن مثل هذا" [تفسير القرطبي].
ثانيا: الجدية في التناول، وعدم الاسترسال في أحاديث لا طائل من ورائها، مع البعد عن الهزل والتميّع، ففي تجنب فضول الكلام سلامة للقلب، ونجاة للعبد من الزلل، قال ابن القيم: "وأما فضول الكلام فإنها تفتح للعبد أبوابا من الشر كلها مداخل للشيطان فإمساك فضول الكلام يسد عنه تلك الأبواب كلها،.. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم) [بدائع الفوائد].
ثالثا: الحذر واليقظة فإن بعض الرجال قد يدخل باسم فتاة، والعكس، وهذا التصرف يدخل في الكذب بل فيه من المفاسد ما يربو على مفسدة الكذب المجرد، لأن المتحدث إما أن يكون رجلا أو امرأة، فإن كان رجلا فتحدثه مع المرأة على أنه امرأة مثلها يقودها إلى التبسط والاسترسال معه في الحديث وهذا فيه خداع لها وفتنة لكليهما، وإما أن يكون حديثه إلى رجل مثله وحينئذ فلا حاجة إلى انتحال شخصية أنثى لأنه بذلك يفتن محدثه بالإضافة إلى ما يكتسبه من التدليس والكذب، بالإضافة إلى ما يشتمل عليه هذا الفعل من تشبه الرجال بالنساء وتشبههن بالرجال، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)[البخاري].
- الكاتب:
إسلام ويب - التصنيف:
قضايا شبابية