وفاة الشيخ الحلواني الكبير "شيخ قراء الشام" 26 جمادى الآخرة 1307هـ(1890م):
الشيخ أحمد الحلواني الكبير عالم جليل من علماء القراءات من أهل دمشق، جدّد علم القراءات في الشام، بعد أن خلَت دمشق من القرَّاء المشتغلين بالقراءات دهرًا طويلاً، وعليه تدور معظم الأسانيد الشامية بالقراءات القرآنية عند المتأخرين، اشتهر أمره، وارتفع ذكره، وعم نفعه، وأخذ عنه طلاب نجباء أصبح لهم من بعده الريادة في الشام في فن التجويد والقراءات.
كان الشيخ عليه خشوع وسكينة، غالب أوقاته في تلاوة القرآن الكريم، ملازماً لبيته لا يخرج منه إلّا لضرورة، يغلب عليه الزهد والصلاح، مربّياً ناصحاً.
اسمه ونشأته
هو الشيخ أحمد بن محمَّد علي بن محمَّد الشهير بالحلوانى الشافعى.
ولد بدمشق عام 1228هـ، تربى تربية دينية برعاية والده السيد محمد علي الحلواني، وكان أول أستاذ له الشيخ راضي المصري، الذي أتم عليه حفظ القرآن الكريم، ثم درس العلوم العقلية والنقلية على أساتذة عصره، مثل الشيخ عبد الرحمن الكزبري، والشيخ عبد الرحمن الطيبي، والشيخ سعيد الحلبي، والشيخ حامد العطار، والشيخ عبد اللطيف مفتي بيروت، وظل يتلقى عنهم العلوم والفنون حتى أذِنوا له بالتدريس.
وبعد ذلك رحل حاجا إلى بيت الله الحرام مع الوفد الشامي، ولما وصل إلى مكة المكرمة، التقى بالشيخ أحمد المرزوقي المالكي المجاور لبيت الله الحرام، فاستبقاه فيها بعد أداء الحج لما رأى فيه من المقدرة والتضلع في العلوم وعدم التعلق بأعمال الدنيا، وخلوه من الأهل والولد، وأمره بحفظ «الشاطبية» فحفظها، وقرأ عليه القرآن كله بالتجويد على رواية حفص، مع مطالعة شروح الشاطبية. وبعد ذلك شرع في دراسة القراءات السبع. ثم قرأ القرآن كله بها على الشيخ المرزوقي، فأقام له عقبة ذلك حفلة تكريم تجاه باب الكعبة المشرفة، حضرها الأشراف والعلماء والقراء وغيرهم، وبعد ذلك حفظ عليه «الدرة» في القراءات الثلاث المتممة للعشر، كما قرأ عليه شرحها، والقراءات العشر على طريقي الشاطبية والدرة. فلما أتمها أقام له حفلة تكريم أخرى، ثم أمره بحفظ الطيبة، وقراءة شرحها ومطالعة التحارير المتعلقة بها، فلما أتم ذلك أقرأه القرآن كله كاملا بطريق «الطيبة». ثم جمع أفاضل مكة المكرمة وأجازه أمامهم بأن يقرأ ويقرئ في أي مكان حل بما لقنه إياه، ولما انتهت دراسته استأذن أستاذه في الرجوع، فرجع إلى دمشق سنة 1257هـ، فأقبل الناس عليه بالقراءة، واشتهر أمره، وارتفع ذكره، وانفرد بهذا العلم في جميع الشام.
ثم لما تُوفي شيخه المرزوقي، طُلب منه العودة إلى مكة، فسافر إلى مكة سنة 1265هـ، وأقام بها مشتغلاً بالإفادة والتعليم، وانتفع به هناك خلق كثير.
ثم رجع إلى دمشق سنة 1277هـ، ولم يزل على ما كان عليه من إفادة الناس وتعليمهم حتى وفاته.
شيوخه:
1 - الشيخ راضي المصري ، حفظ عنده القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم.
2 - الشيخ عبد الرحمن الكزبري، حضر عليه في البخاري ومسلم، وسمع منه الأربعين العجلونية وأجازه فيها.
3 - الشيخ حامد بن أحمد العطار، قرأ عليه من كتب الحديث.
4 - الشيخ سعيد بن حسن الحلبي، قرأ عليه المغنى لابن هشام وغيره من كتب النحو وكان الحلواني معيدا في درس هذا الشيخ.
5 - الشيخ عبد الرحمن بن علي الطيبي، قرأ عليه الفقه الشافعي.
6 - الشيخ عبد اللطيف علي فتح الله، مفتي بيروت، قرأ عليه بعضاً من علم الصرف والبيان.
7 - الشيخ أحمد المرزوقي المصري، قرأ عليه القرآن والقراءات وكتب التجويد والقراءات وأجازه بذلك كله.
تلاميذه:
أنشأ الشيخ جيلاً من علماء فن القراءات والتجويد، أتقنوا عليه الحفظ والضّبط، فصاروا من بعده حلقات للسلسلة الذهبية بالقرآن الكريم، كان من أبرزهم:
1 – ولده محمَّد سليم الحلواني وهو الذي خلفه في مشيخة القراء.
2 - أحمد بن خالد بن مصطفى دهمان.
3 - محمود إبراهيم الكيزاوى.
4 - محمَّد صالح القطب.
5 - عبد الرحيم دبس وزيت.
4 - عبد الغني البيطار.
5 - أسعد حمزة.
6 - محمد بن علي الطيبي.
7 - أبو الصفا بن إبراهيم المالكي.
8 - بكري العطار.
9 - عبد الله الحموي.
10 - جمال الدين القاسمي( قرأ عليه القرآن برواية حفص عن عاصم من الشاطبية وسمع منه الميدانية وهو متن في التجويد، وشرح المقدمة الجزرية للشيخ زكريا الأنصاري وخالد الأزهري وأجازه بذلك كله).
مؤلفاته:
1 – رسالة القول السديد في وجوب التجويد.
2 - المنحة السنية في التجويد وشرحه اللطائف البهية شرح المنحة السنية.
4 - نظم في صفات الحروف، يقول في أوله:
الهمز مجهور شديد مستفل منفتح ومصمت كذا نقل
والباء مجهور شديد مستفل منفتح ومذلق قلقل وصل
والتاء مهموس شديد مستفل منفتح مصمت خذ واشتغل
وفاته:
توفي عصر يوم الأحد 26 من جمادى الآخرة عام 1307هـ، وصُلى عليه في الجامع الأموي، ودفن في مقبرة الدحداح.
رحمه الله وغفر له وأعلى درجته في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
- الكاتب:
اسلام ويب - التصنيف:
حدث في مثل هذا الأسبوع