لقد حث ديننا الحنيف على التحلي بمكارم الأخلاق والتنزه عن الأخلاق السيئة، وبين نبينا صلى الله عليه وسلم أن صاحب الخلق الحسن من أكمل المؤمنين إيمانا وأعلاهم منزلة عند الله تعالى.
ولقد تسابق الشعراء إلى الإشادة بحسن الخلق والترغيب فيه، وخلفوا لنا ثراثا عظيما في هذا الباب وأبياتا يتغنى بها العرب.
وفي هذا المقال سنشير إلى شيء من هذا الإرث من خلال أبيات الشعر التي نطقوا بها.
قال المتنبي :
وما الحسن في وجه الفتى شرفا له إذا لم يكن في فعله والخلائق
وقال أبو تمام:
إذا جاريت في خُلق دنيئا فأنت ومن تُجَاريه سواء
رأيت الحُر يجتنب المخازي ويحميه عن الغدر الوفاء
....
يعيش المرءُ ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ما تشاء
وقال أمير الشعراء أحمد شوقي :
والصدق أرفع ما اهتز الرجال له وخير ما عَوَّد ابنا في الحياة أبُ
وإنـما الأمــم الأخــــلاق ما بقيت فـإن هـم ذهـبت أخلاقهم ذهـبوا
وقال:
صلاح أمرك للأخلاق مرجعه فقوّم النفس بالأخلاق تستقم
وقال أيضا:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم فأقم عليهم مأتما وعويلا
أما الشاعر معروف الرصافي فقال:
هي الاخلاقُ تنبتُ كالنبات إذا سقيت بماء المـكرمات
تـقوم إذا تعـهـدهــا المُربي على ساق الفضيلة مُثمِرات
وتسـمـو للـمـكارم بـاتسـاق كما اتســقت أنابـيبُ الـقنـاة
وتنعش من صميم المجد رُوحا بأزهــارٍ لهـا متضوعـات
وأما محمود الأيوبي فيقول:
والمرء بالأخلاق يسمو ذكره وبها يُفضل في الورى ويُوقر
ويقول شاعر النيل حافظ إبراهيم في قصيدته " كم ذا يكابد عاشق ويلاقي ":
فَإِذا رُزِقتَ خَــليقَةً مَحمــودَةً فَقَدِ اِصطَفاكَ مُقَسِّمُ الأَرزاقِ
فَالـناسُ هَــذا حَظُّهُ مـالٌ وَذا عِـلمٌ وَذاكَ مَـكارِمُ الأَخــلاقِ
وَالمالُ إِن لَم تَدَّخِرهُ مُحَصَّنا بِالعِـلمِ كانَ نِهــايَةَ الإِمــلاقِ
وَالعِلمُ إِن لَــم تَكتَنِفهُ شَمائِـلٌ تُعليهِ كـانَ مَـطِيَّةَ الإِخــفـاقِ
لا تَحسَـبَنَّ العِـلمَ يَنفَعُ وَحـدَهُ مــا لَـم يُتَــوَّج رَبُّـهُ بِخَــلاقِ
وبعد أن بين ضرر العالم والفقيه والطبيب اللذين لا يتحلون بمكارم الأخلاق قال:
لَو كانَ ذا خُلُقٍ لَأَسعَدَ قَومَـهُ بِبَيــانِــهِ وَيَــراعِــهِ السَبّــاقِ
مَن لي بِتَربِيَةِ النِســاءِ فَإِنَّهـا في الشَرقِ عِلَّةُ ذَلِكَ الإِخفاقِ
الأُمُّ مَـدرَسَــــةٌ إِذا أَعـدَدتَـها أَعدَدتَ شَعباً طَيِّبَ الأَعـراقِ
وقال أبو الأسود الدؤلي :
لا تَنهَ عَن خُلُقٍ وَتَأتيَ مِثلَهُ عارٌ عَلَيكَ إِذا فَعَلتَ عَظيمُ
ابدأ بِنَفسِكَ وَانَها عَن غِيّهـا فَإِذا انتَهَت عَنهُ فَأَنتَ حَكيمُ
فَهُناكَ يُقبَل ما وَعَظتَ وَيُقتَدى بِالعِلمِ مِنكَ وَيَنفَــعُ التَعليـمُ
وقال السموأل :
إِذا المَرءُ لَم يُدنَس مِنَ اللُؤمِ عِرضُـهُ فَكُلُّ رِداءٍ يَــرتَــديهِ جَميلُ
وَإِن هُوَ لَم يَحمِل عَلى النَفسِ ضَيمَها فَلَيسَ إِلى حُسنِ الثَناءِ سَبيلُ
وقال صفي الدين الحلي :
إنّا لَقَــوْمٌ أبَتْ أخــلاقُنا شَــرفا أن نبتَدي بالأذى من ليسَ يوذينا
بِيضٌ صَنائِعُنا ، سـودٌ وقائِعُنا خضرٌ مَرابعُنا ، حُمـرٌ مَواضِينا
وقالت عائشة التيمورية :
ما الحـظ إلا امــتلاك المـرء عفته وما السعادة إلا حسن أخلاق
ويقول الحسين بن مطير الأسدي:
أحـب مـكـارم الأخـلاق جـهـدي وأكـره أن أعـيـب وأن أعـابا
وأصـفـح عن سباب الناس حلماً وشر الناس من يهوى السبابا
وهذه أبيات تنسب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - :
صُنِ النَفسَ وَاِحمِلها عَلى ما يزيِنُها تَعِش سالِما وَالقَولُ فيكَ جَميـلُ
وَلا تُــرِيــنَّ النــاسَ إِلّا تَـــجَــمُّــلا .. نَبا بِكَ دَهــرٌ أَو جَفـاكَ خَليــلُ
وَإِن ضاقَ رِزقُ اليَومِ فَاِصبِر إِلى غَد عَسى نَكَبات الدَهرِ عَنكَ تَزولُ
يَــعِـزُّ غَنِيُّ النَفــسِ إِن قَــلَّ مــالُــهُ ويَغنى غَنِيُّ الـمالِ وَهــوَ ذَليـلُ
وَلا خَــيرَ فـي وِدِّ اِمــرِئٍ مُـتَلَّــون إِذا الريحُ مالَت مالَ حَيثُ تَميلُ
جَــوادٌ إِذا اِســتَغنَيتَ عَن أَخذِ مالِهِ وَعِندَ اِحتِمالِ الفَقرِ عَنكَ بَخيـلُ
فَما أَكثَرَ الإِخــوان حــينَ تَـعـدّهُـم وَلَــكِنَهُم فـي النـائِبــاتِ قَــليــلُ
ونختم بما نسب إلى الإمام الشافعي رحمه الله إذ يقول:
النـاس بالنـاس مـا دام الحيــاء بهم والسـعد لا شــك تارات وهبـات
وأفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى علي يـده للنـاس حاجات
لا تـمنعن يـد المعـروف عـن أحـد ما دمت مـقتدرا فالســعد تارات
واشكر فضائل صنع الله إذ جعلت إليـك لا لك عنـد الناس حاجـات
قد مات قوم وما مـاتـت مكارمهـم وعاش قوم وهم في الناس أموات
- الكاتب:
إسلام ويب - التصنيف:
محاسن الأخلاق