سورة الحشر هي السورة التاسعة والخمسون بحسب ترتيب سور المصحف العثماني، وهي السورة الثامنة والتسعون بحسب نزول السور. وهي سورة مدنية بالاتفاق. نزلت بعد سورة البينة، وقبل سورة النصر. وكان نزولها عقب إخراج بني النضير من ديارهم سنة أربع من الهجرة. وعدد آياتها أربع وعشرون آية.
تسميتها
اشتهرت تسمية هذه السورة سورة (الحشر) وقد روى الترمذي عن معقل بن يسار، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قال حين يصبح ثلاث مرات: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، وقرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر) الحديث، أي الآيات التي أولها: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة} (الحشر:22) إلى آخر السورة. قال الترمذي: "هذا حديث غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
وفي "صحيح البخاري" عن سعيد بن جبير، قال: قلت لابن عباس: سورة الحشر قال: (قل: بني النضير) أي: سورة بني النضير، فابن جبير سماها باسمها المشهور. وابن عباس يسميها سورة (بني النضير). وتأول ابن حجر كلام ابن عباس على أنه كره تسميتها بـ (الحشر) لئلا يُظن أن المراد بالحشر يوم القيامة. قال ابن عاشور: "هذا تأول بعيد، وأحسن من هذا أن ابن عباس أراد أن لها اسمين، وأن الأمر في قوله: (قل) للتخيير".
أما وجه تسميتها (الحشر) فلوقوع لفظ الحشر في قوله سبحانه فيها: {هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر} (الحشر:2) ولكونها ذُكِرَ فيها حشر بني النضير من ديارهم أي من قريتهم المسماة الزهرة قريباً من المدينة. فخرجوا إلى بلاد الشام إلى أريحا وأذرعات، وبعض بيوتهم خرجوا إلى خيبر، وبعض بيوتهم خرجوا إلى الحيوة.
وأما وجه تسميتها (سورة بني النضير) فلأن قصة بني النضير ذُكِرت فيها.
مناسبتها لما قبلها
في آخر سورة المجادلة جاء قوله سبحانه: {كتب الله لأغلبن أنا ورسلي} (الحشر:21) وفي أول هذه السورة جاء قوله عز وجل: {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب} (الحشر:2) وفي آخر سورة المجادلة ذكر سبحانه من {حاد الله ورسوله} (المجادلة:22) وفي أول هذه السورة ذكر من {شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب} (الحشر:4) وفي سورة المجادلة ذكر حال المنافقين واليهود، وتولي بعضهم بعضاً، وفي هذه السورة ذكر ما حلَّ باليهود، وعدم إغناء تولي المنافقين إياهم شيئاً.
مقاصدها
مجمل مقصود الصورة الخبر عن جلاء بنى النضير، وقسم الغنائم، وتفصيل حال المهاجرين والأنصار، والشكاية من المنافقين في واقعة قريظة، والنظر إلى العواقب، وتأثير نزول القرآن، وذكر أسماء الحق تعالى وصفاته، وبيان أن جملة الخلائق في تسبيحه وتقديسه.
أما مقاصدها على وجه التفصيل فهي كالآتي:
- ابتدأت السورة بتنزيه الله وتمجيده، وبيان أن الكون له وحده بما فيه من إنسان، وحيوان، وجماد ونبات يشهد بعظمته سبحانه وسلطانه.
- بيان حكم أموال بني النضير بعد الانتصار عليهم وإخراجهم، وذكر نعمة الله على ما يسر من إجلائهم مع ما كانوا عليه من المنعة والحصون والعدة، وتلك آية من آيات تأييد رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلبته على أعدائه.
- ذكر ما أجراه المسلمون من إتلاف أموال بني النضير، وأحكام ذلك في أموالهم، وتعيين مستحقيه من المسلمين. وبيان حكم الفيء وشروطه، والحكمة في إعطائه الفقراء.
- إيماء إلى حكمة شرائع انتقال الأموال بين المسلمين بالوجوه التي نظمها الإسلام بحيث لا تشق على أصحاب الأموال.
- الأمر باتباع ما يشرعه الله على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- بيان أن ما في السماوات وما في الأرض دالٌّ على تنزيه الله، وكون ما في السماوات والأرض ملكه، وأنه الغالب المدبر.
- تعظيم شأن المهاجرين والأنصار والثناء عليهم الثناء العاطر، بذكر تضحيات المهاجرين، ومآثر الأنصار، والإشادة أيضاً بالذين يجيئون من بعدهم من المؤمنين.
- في مقابلة المهاجرين والأنصار ذكرت السورة المنافقين الذين تحالفوا مع اليهود ضد الإسلام، وكان مثلهم معهم كمثل الشيطان، الذي يزين للإنسان سوء عمله، ثم يتخلى عنه ويخذله، فتكون عاقبة الجميع الخلود في النار.
- كشف دخائل المنافقين ومواعيدهم لبني النضير أن ينصروهم، وكيف كذبوا وعدهم.
- حثت السورة المؤمنين على التقوى، وحذرتهم من أحوال أصحاب النار، وذكرت تفاوت حال الفريقين، كما حذرت من ذلك اليوم الرهيب الذي لا ينفع المرء فيه إلا ما قدمت يداه.
- بيان عظمة القرآن وجلالته واقتضائه خشوع أهله.
- بيَّنت الفرق الكبير بين أهل الجنة، وأهل السعير، وبين مصير السعداء، ومصير الأشقياء.
- خُتمت السورة ببيان شأن القرآن، وعظيم تأثيره، وأنه رفيع القدر، عالي الذكر؛ لأن الذي أنزله هو المتصف بالأسماء الحسنى، وبالصفات الجليلة.
- الكاتب:
إسلام ويب - التصنيف:
مقاصد السور