الفراغ العاطفي هو: تلك الفجوة التي يشعر بها الفرد عندما لا يجد من يفيض عليه حناناً ومشاعر؛ تجعله يحس بأهميته وقيمته الذاتية، وفي المقابل أيضا عندما يتلفت لمن حوله فلا يجد من يفضي له بما داخله من حب، وعواطف طيبه سواء من حنان الأمومة، والأبوة، والأخوة، أو الصداقة وغيرها.
ولا نبالغ إذا قلنا إن معظم الشباب والفتيات يعانون من مشكلة الفراغ العاطفي، والذي يعد من أكبر أسباب الاكتئاب عند فئة كثيرة من البشر.
والسبب قد نرجعه إلى: غياب حضن أسري دافئ يسع الشاب، أو الشابة منذ الطفولة؛ للإشباع العاطفي، وللتعبير بكل حرية عما يبتغونه من أسرهم لسد حاجاتهم، فالآباء بالدرجة الأولى قد ينصاعون وراء توفير متطلبات الحياة المادية لأبنائهم، ناسين أو متناسين أنه قد يستغني الشباب عن حاجاتهم المادية في حين يتشبثون بكل ما هو معنوي متعلق بالأحاسيس من حب، وحنان، وعطف أسري يشدهم إلى مجتمعهم المصغر الذي هو الأسرة.
كما أن من أسباب الفراغ العاطفي عند الشباب: ضعف الوازع الديني عندهم، والقصور التربوي في توجيههم. وكذلك: عدم استغلال طاقات الشباب فيما يفيد وينفع، وتركهم نهباً للفراغ، وألعوبة بمن يتاجرون بآمالهم وأحلامهم.
وسائل الوقاية
ولحل مشكلة الفراغ العاطفي عند الشباب لا بد من عدة أمور مهمة منها:
1- تقوية صلتهم بالله
لكي نحل مشكلة الفراغ العاطفي عند الشباب، لا بد من تقوية صلتهم بالله تعالى، وربطهم بالدين منهجاً وسلوكاً؛ لأن الإيمان هو العاصم الأول للإنسان من الخطأ والانحراف، قال - تعالى -:{إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى}[سورة الكهف:13].
وقص علينا القرآن الكريم وصايا لقمان الإيمانية حينما قال لولده معلماً ومربياً: {يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[لقمان:13].
ولقد حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تربية الشباب على العقيدة الصحيحة، ويتضح ذلك في وصيته الجامعة المانعة لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما حينما قال له: [يا غُلأَمُ، إني أعلمك كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إذا سَأَلْتَ، فَاسْأَلِ اللَّهَ، وإذا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِالله، وَاعْلَمْ أَنَّ الأمة لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بشيء، لَمْ يَنْفَعُوكَ إلا بشيء قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بشيء، لَمْ يَضُرُّوكَ إلا بشيء قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الاقْلأَمُ، وَجَفَّتِ الصُّحُفُ][أخرجه أحمد والتِّرْمِذِيّ]
قال الشيخ محمد صيام:
عودوا إلى الله ينقذكم برحمــته *** من الشقـــاء الذي بتـنا نعانيــه
ولتستقوا من كتاب الله منهجكم *** فليس في الأرض منهاج يدانيه.
2- الإشباع العاطفي منذ الطفولة:
لا شك أن الحنان الأسري والإشباع العاطفي منذ الطفولة من حق أولادنا، وله تأثيره البيًن على تفكيرهم، وعلى سلوكياتهم، لذا فقد حث الإسلام على الرضاعة الطبيعية للطفل؛ لأن الطفل يرضع مع لبن أمه حنانها، وضمها له، وحدبها عليه، قال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ}[ البقرة:233].
ولقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - خير مثال في الرحمة بالأطفال والحنو عليهم، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَبْصَرَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يُقَبِّلُ الْحَسَنَ، أَوِ الْحُسَيْنَ، رضي الله عنهما، فَقَالَ: إِنَّ لِي عَشَرَةً مِنَ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ قَطُّ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:[إِنَّهُ لاَ يُرْحَمُ مَنْ لاَ يَرْحَمُ][أخرجه البُخاري ومسلم].
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، كَانَ إِبْرَاهِيمُ مُسْتَرْضِعًا فِي عَوَالِي الْمَدِينَةِ، وَكَانَ يَنْطَلِقُ، وَنَحْنُ مَعَهُ، فَيَدْخُلُ الْبَيْتَ، وَإِنَّهُ لَيُدَّخَنُ، وَكَانَ ظِئْرُهُ قَيْنًا، فَيَأْخُذُهُ فَيُقَبِّلُهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ][أخرجه أحمد ومسلم].
قال شوقي في وصف رحمته - صلى الله عليه وسلم -:
وإذا رحمت فأنت أمٌّ أو أبٌ *** هذان في الدنيا هما الرُّحماءُ
واسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - رَجُلا عَلَى عَمَلٍ، فَرَأَى عُمَرَ - رضي الله عنه - يُقَبِّلُ صَبِيًّا لَهُ، فَقَالَ: تُقَبِّلُهُ وَأَنْتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ ! لَوْ كُنْتُ أَنَا مَا فَعَلْتُهُ. فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: فَمَا ذَنْبِي إِنْ كَانَ قَدْ نُزِعَ مِنْ قَلْبِكَ الرَّحْمَةُ؟ ! إِنَّ اللهَ لا يَرْحَمُ مِنْ عِبَادِهِ إِلا الرُّحَمَاءَ. قَالَ: وَنَزَعَهُ عَنْ عَمَلِهِ، وَقَالَ: أَنْتَ لا تَرْحَمُ وَلَدَكَ؛ فَكَيْفَ تَرْحَمُ النَّاسَ؟!. [ابن عبد البر: المجالسة وجواهر العلم 6/235]
3- احترام مشاعرهم وتقديرهم:
ينادي علماء التربية بضرورة احترام مشاعر الأولاد، وتقدير كل مرحلة عمرية يمرون بها، وإعطاءها حقها من جميع النواحي قدر الإمكان، من الناحية العقلية، والاجتماعية، والنفسية، ومحاولة سد حاجتهم فيها، لما له من أثر كبير في ملء الفراغ العاطفي في نفوسهم، ولقد قص علينا القرآن الكريم قصة نبي الله إبراهيم حين أمره بذبح ولده، فعرض عليه أمر الله ليشركه معه في الثواب والرضا بقضاء الله، وكان في مقدوره أن يذبحه وهو نائم أو غيرها.لقد علمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - احترام مشاعر الشباب وتقديرهم، وغرس الثقة فيهم، فعن رَافِعِ بْنِ عَمْرو الْغِفَارِيِّ، قَالَ: كُنْتُ وَأَنَا غُلاَمٌ أَرْمِي نَخْلَنَا، أَوْ قَالَ: نَخْلَ الأَنْصَار، فَأُتِيَ بِيَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ:يَا بُنَيَّ لِمَ تَرْمِ النَّخْلَ؟ قَالَ: قُلْتُ: آكُلُ، قَالَ: فَلاَ تَرْم النَّخْلَ، وَكُلْ مِمَّا يَسْقُطُ فِي أَسَافِلِهَا. قَالَ: ثُمَّ مَسَحَ رَأْسِي، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَشْبِعْ بَطْنَهُ][أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه].
وأمر عليا أن ينام في فراشه، وقال لابن مسعود إنك لغلام معلم.. وما زال يبني فيهم الثقة حتى كانوا أكمل الشباب على الإطلاق.
4- الحوار والتواصل معهم:
ومن احترام الشباب وتقديرهم فتح باب الحوار والتواصل معهم، والإجابة على أسئلتهم بكل وضوح، على أن يكون ذلك بهدوء، وتعقل، واحتواءهم بكل ما تعنيه هذه الكلمات، امتثالاً لقول الله - تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[سورة النحل:125].
وقدوتنا في هذا معلمنا العظيم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعَنْ أَبِى أُمَامَةَ قَالَ: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِى بِالزِّنَا فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ، وَقَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ:ادْنُهْ. فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ:أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لاِبْنَتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِم. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ: وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ. قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟ قَالَ: لاَ وَاللَّهِ، جَعَلَنِى اللَّهُ فِدَاكَ، قَالَ وَلاَ النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاَتِهِمْ. قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ:اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ. قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَىْءٍ]. [أخرجه أحمد وصححه الألباني].
وفي غزوة بدر قبل النبي صلى الله عليه وسلم رأي الحباب بن المنذر ومشورته في النزول عند أدنى ماء وتغوير بقية الآبار؛ فيشرب المسلمون ولا يشرب الكفار، وكان الحباب شابا، وكانت مشورته صائبة؛ فقبلها النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النصر بأمر الله تعالى. [راجع: سيرة ابن هشام 1/610، الكامل في التاريخ 1/282]
وكان عمر يجتهد في اختيار مستشاريه وأن يكون من ضمنهم الشباب العاقل العالم كابن عباس، حتى قال ابن عباس نفسه: "كان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كهولاً كانوا، أو شباناً"، وقد قال الزهري لغلمان أحداث: "لا تحتقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا نزل به الأمر المعضل دعا الفتيان فاستشارهم يبتغي حدة عقولهم" [عصر الخلافة الراشدة ص90، لأكرم العمري].
5- عدم الاستخفاف والاستهزاء بهم:
الاستخفاف بالشباب والاستهزاء بهم من الأساليب الخاطئة التي تؤدي إلى نفور الشباب وانعزالهم عمن حولهم، وعدم التواصل معهم، ولقد نهانا الإسلام عن السخرية من الناس، والاستهزاء بهم، والتحقير من شأنهم، قال تعالى: {لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا منهن}[الحجرات:13].
وها هو عمر يشجع ولده على حسن المشاركة مع الناس وعدم الاستحياء في طلب العلم، عندما استحى أن يجيب سؤال النبي صلى الله عليه وسلم في وجود أبي بكر وعمر، فقَالَ عمر له: لأَنْ تَكُونَ قُلْتَ هي النَّخْلَةُ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا. [أخرجه أحمد والبخاري ومسلم].
وعندما مر عمر بعبدالله بن الزبير وهو طفل صغير.. فر من أمامه الصبيان لهيبته.. ولكن عبدالله لم يفر.. فسأله عمر: لم لم تفر مع أقرانك؟ فقال عبدالله: لم أخطئ لأفر... ولم يكن الطريق ضيقاً لأوسع لك الطريق.. فسأله عمر: لم لا تلعب مع أصحابك؟ فقال عبدالله: ألعب معهم هويناً.. ولكن لم أخلق لألعب .. قال عمر: فلم خلقت؟.. فقال عبدالله: لأعز الإسلام. فقبله عمر، ومسح على رأسه مشجعاً له على شجاعته.
6- حثهم على حسن استغلال الوقت:
وعدم تركهم للفراغ آفة قاتلة للشباب، وفرصة لمداخل الشيطان إلى نفوسهم، يقول الشاعر:
إنَّ الفراغ والشبابَ والجِده *** مفسدةٌ للمرءِ أيُّ مَفسده
ولكي لا نترك فرصة للفراغ العاطفي؛ ليستبد بحياة الشباب فإنه يجب علينا أن نشغلهم، ونستغل أوقات حياتهم في تكليفهم بأعمال محببة لهم، وإشعارهم بنجاحهم فيها، ومكافأتهم عليها؛ لأن في ذلك إعطاءهم للثقة في أنفسهم، وعلينا أن نبين لهم أهمية وسبل استغلال الوقت استغلالاً صحيحاً، وأن المرء لم يخلق في هذه الحياة عبثاً، قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ(115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[سورة المؤمنون].
وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم [نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ][أخرجه أحمد والبخاري]
7- إبعادهم عن المثيرات الجنسية والعاطفية:
لكي يعيش الشباب حياة نفسية سليمة لابد من إبعادهم بقدر الاستطاعة عن المثيرات الجنسية والعاطفية؛ لأنها لا تلبث أن تدفع إلى الرغبة في أي صورة كانت.
ومن هنا حثنا الإسلام على غض البصر لأنه مدخل إلى الإثارة وطريق للوقوع في الفاحشة، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (30) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ}[النور:30، 31]
.وعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِعَلِيٍّ: [يَا عَلِيُّ، لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّ لَكَ الأُولَى، وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ][أخرجه أحمد والترمذي]
قال الشاعر:
كل الحوادث مبداها من النظر *** ومعظم النار من مستصغر الشررِ
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها *** فتك السهــام بلا قوس ولا وترِ؟
فيجب على الآباء مراقبة أولادهم، وعدم السماح لهم بالجلوس أمام القنوات التي ليس لها هم إلا إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا، وإثارة الغرائز والشهوات، وكذا الموقع الإباحية التي جعلت من الجنس مادة للإثارة، واستقطاب الشباب، وجعلهم يدمنون هذه المواقع التي هي وسيلة من وسائل التضييع والتمييع.
8- تحذيرهم من أصدقاء السوء:
إبعاد الأولاد عن الصداقات المحرمة والعلاقات المشبوهة، من الواجبات المهمة التي يجب على الوالدين التنبه لها، فلا يترك الأولاد يختارون من يريدوا من أصدقاء السوء لمصادقتهم ومصاحبتهم؛ لأن مصاحبتهم خسارة عظيمة، وخزي في الدنيا، وحسرة وندامة في الآخرة، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (29)} [سورة الفرقان].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [الْمَرْءُ عَلَى دِينِ خَلِيلِهِ، فَلْيَنْظُرْ أَحَدُكُمْ مَنْ يُخَالِل] [أخرجه أحمد وأبو داود]
وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبي مُوسَى، عَنْ أَبِيهِ قال: قال رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالح، وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ، كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لاَ يَعْدِمُكَ مِنْ صَاحِب الْمِسْكِ، إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ، يُحْرِقُ بَدَنَكَ، أَوْ ثَوْبَكَ، أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبيثَةً][متفق عليه].
قال الشاعر:
واحـذر مؤاخــاة الدني فأنــه *** يعدي كما يعدي الصحيحَ الأجربُ
واختر صديقك واصطفيه تفاخرا *** إن القريــن إلى المقارن ينسب
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحبا *** إن الكذوب لبئس خلا يصحب
فهذه بعض الوسائل التي أرشدنا إليها ديننا الإسلام الحنيف لحل مشكلة الفراغ العاطفي عند الشباب.
اللهم اهد شبابنا إلى الطريق المستقيم، اللهم احفظهم من كل سوء يا رب العالمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باختصار وتصرف