شغلت قضية إحراق الطفل الصغير على الدوابشة وأسرته الفلسطينية الرأي العام في السويعات الماضية، وتناولتها صحف الشرق والغرب لفظاعتها وشدة إجرام مرتكبيها، ولعدم اتخاذ أي إجراءات ضد الفاعلين، وترك الباب مفتوحا أمام المستوطنين اليهود لفعل كل ما يشاءون بالأسر الفلسطينية، ولو كان ذلك بحرقهم وحرق بيوتهم وأولادهم.
دفع الثمن
والذين قاموا بهذا العمل الإجرامي والإرهابي هم مجموعة من المستوطنين اليهود ينتسبون إلى عصابات تطلق على نفسها اسم "دفع الثمن".. وقد جاء في تقارير صحفية أن هذه الجماعة اليهودية الإرهابية قامت بمئات الأعمال الإجرامية بحق الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية، سواء فى الداخل الفلسطينى أو فى الضفة الغربية أو مدينة القدس المحتلة، وطالت اعتداءات هذه الجماعات عددًا من المدن والبلدان الفلسطينية منها حرق مسجد طوبا الزنجرية وحرق سيارات فى قرى نين وأم القطف وكتابة شعارات عنصرية ضد الطلاب العرب فى مدينة صفد وشعارات عنصرية على كنائس ومقابر مسيحية فى مدينة يافا.. بالإضافة إلى حرق سيارات فلسطينيين فى أحياء شرقى القدس مثل الشيخ جراح والعيزرية، كما طالت أعمالهم العدوانية قرى ومدن الضفة الغربية خاصة حرق المساجد والسيارات وحقول مزروعة خاصة كروم الزيتون وإغلاق شوارع بوضع صخور أو مسامير لإعطاب المركبات، فى قرى مثل الخضر قضاء بيت لحم وياسوف قضاء نابلس وقصرة قضاء نابلس وغيرها. (اليوم السابع المصرية).
وجاء في تقرير على شبكة الجزيرة "إن "دفع الثمن" حركة تضم مجموعات من المستوطنين المتشددين غالبيتهم من صغار السن، ينفذون اعتداءات على ممتلكات الفلسطينيين وعرب 48. وتتعمد ترك توقيعات وشعارات عنصرية في الأماكن التي ترتكب فيها جرائم.
وقالت الجزيرة أيضا: "إن الحركة نفذت نحو 167 جريمة منذ بداية عام 2013 وحتى نهاية أبريل/نيسان من العام نفسه، حسب معطيات السلطات الإسرائيلية التي تصنف هذه الاعتداءات ضمن "جرائم الكراهية"، واستمرت الاعتداءات عام 2014 من قبيل تدنيس مسجد في أم الفحم في شهر أبريل/نيسان، وكتابات شعارات معادية على مبان تابعة للفاتيكان في القدس الشرقية المحتلة في مايو/أيار قبل أسبوعين من زيارة البابا فرنسيس، فكتب على باب أحد الأديرة "المسيحيون قردة".
التأسيس والنشأة
وأما عن نشأة الحركة فقد قالت الجزيرة: ظهرت حركة "دفع الثمن" أو "جباية الثمن" عام 2011 ونفذت أغلب اعتداءاتها في مدينة القدس. وذكر عدد من التقارير أن الحركة تنظيم سرّي له قيادة مركزية سرية تقوده وتوجه نشاطاته وعملياته وتحدد أهدافه بدقة.
وأوردت دراسة بعنوان "تنظيم جباية الثمن.. وجباية الثمن من الفلسطينيين" صادرة عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات عام 2012، أن التنظيم عبارة عن مجموعات من المستوطنين ظهرت بالمناطق المحتلة من الضفة، وهي تحظى بدعم واسع من المستوطنين اليهود، بالإضافة إلى تأييد كبير من بعض الأحزاب الإسرائيلية والحاخامات.
وتحاول الحركة الحفاظ على المستوطنات التي أقيمت على الأراضي الفلسطينية، وتعتبر رأس الحربة في زيادة التوسعات الاستيطانية وتهويد الأراضي الفلسطينية، ونزع الصبغة العربية والفلسطينية عنها في كل المناطق المحتلة.
التوجه الأيديولوجي
نشرت صحيفة الإندبندنت في تقريرلها حول حادثة الدوابشة تناولت فيه عوامل ساعدت على قيام هذه المنظمة الإرهابية حيث أشارت الصحيفة إلى كتاب "توراة الملك" الذي صدر عام 2009 من تأليف الحاخامين إسحاق شابيرا ويوسف إليتسور، والذي يقولان فيه: إن الشريعة اليهودية تسمح بقتل الأطفال غير اليهود، لأنهم يشكلون خطرا مستقبليا.
وقد اعتقل المؤلفان للاشتباه في تحريضهما على الحقد العنصري، لكن أفرج عنهما ولم توجه لهما أي تهمة رسميا، وهما ليسا الوحيدين من بين الزعماء الدينيين الذين يستعملون الدين لتبرير العنصرية والحقد، حسب الصحيفة.
وهو ما أشارت إليه الجزيرة في تقريرها بقولها: "يشترك ناشطو الحركة وأنصارها وجمهورها في اعتناق فكر "عنصري" يستند إلى الكراهية الشّديدة للعرب الفلسطينيين، ويدعو إلى قتلهم أو طردهم من المناطق الفلسطينية المحتلة، كما يدعو إلى زيادة تعزيز الاستيطان اليهودي بالضفّة الغريبة المحتلة، والإسراع في تهويدها وضمها إلى إسرائيل، من ناحية أخرى.
المسار
برر عدد من المستوطنين المتطرفين الاعتداءات ضد أملاك ومقدسات الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة وغيرها، بكونها رد فعل على قرارات حكومة إسرائيل ضد الاستيطان، من قبيل محاولة إخلاء بؤرة استيطانية عشوائية أو تجميد الاستيطان، أو قرارات سياسية ذات علاقة في إطار المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. ولهذه الغاية تم اختيار اسم دفع الثمن، أو جباية الثمن في سياق إحراج حكومة إسرائيل.
وقد استعملت التسمية في البداية بمناطق الضفة وصفا لاعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين وممتلكاتهم عندما تقوم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بإخلاء جزئي لبعض المستوطنات التي تعتبرها غير قانونية، أو ردا على العمليات الفلسطينية المسلحة". "بحسب الجزيرة".
نتنياهو يرفض:
وقد عقد الكنيست الإسرائيلي اجتماعا طارئا بحضور وزيرة العدل تسيبي ليفني، ووزير الأمن الداخلى يتسحاق أهرونوفيتش وجهاز الأمن العام الشاباك، وأوصت ليفني ومن معها في اللجنة بالتعامل مع منفذي اعتداءات "دفع الثمن" على أنهم "تنظيم إرهابي"، غير أن المجلس الوزارى الإسرائيلى المصغر برئاسة بنيامين نتنياهو تحفظ على ذلك، وقرر الإعلان عنهم فقط "كتنظيم غير مسموح به".
وعلل نتنياهو رفضه للإعلان عن جماعات "دفع الثمن" كجماعات إرهابية، بعدم صحة مقارنة هذه الجماعات بحركات فلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامى، على حد قوله، مدعيًا فى ذات الوقت أنه فى حال الإعلان عن "دفع الثمن" كعمل إرهابى سيكون هذا الأمر "مقبولا إسرائيليًا، لكنه سيكون خطأ نحو الأسرة الدولية، حيث سيشوه هذا الإعلان صورة إسرائيل أمام العالم، وسيزيد الشعور بعدم شرعية الدولة وتشجيع العالم على مقارنة هذه الأعمال بإطلاق الصواريخ أو عمليات التفجير لحركة حماس".