«الحياة حلوة».. شعار لابد أن يكون منطلقنا ورفيقنا في رحلة العمر القصيرة، ودافعنا لأي عمل بناء ومثمر، فانشراح النفس عند البداية كفيل بأن يجعلنا نتحمس كي ندرك الغاية والنهاية بعون الله تعالى وتوفيقه.. كفيل بأن نأخذ الأمور بحجمها والدنيا بقيمتها..كفيل بأن يجعلنا نتحمل المشاق والصعوبات وربما الآلام التي تواجهنا.. كفيل بأن يجعل الثغر دوما باسما، والأمل دوما حاضرا، والهدف دوما واضحا، فلا تمر الحياة عبثا ولا تضيع الأيام سدى.
من المهم جداً أن تعتني بنفسك وأن تسعى للحصول على السعادة لها، لأنك إن لم تكن سعيداً، فلن تسعد أيامك، ولن تسعد الآخرين، ولن تنجح فيما تعمله.
الطريق من هنا
• لكي تعيش بأعصاب سليمة يجب عليك أن تتجنب التفكير المستمر والعمل المتواصل، فإن لنفسك كما لبدنك عليك حقا.. عش هادئ الأعصاب، تعش سليماً معافى.. تعلم كيف تسترخي لبعض الوقت، ولا تعمل شيئا: راقب الطيور لبرهة في الفضاء الشاسع، أو استمتع بمنظر الخضرة أو صوت خرير الماء.. فرغ عقلك لبرهة من كل ما يشغله!
• أحب عملك: فكل إنسان يسعى إلى رزقه ويتخذ لنفسه عملاً جدير به أن يحب عمله ليتجنب المتاعب التي تنشأ من بغضه لمهنته، فالمرء الذي يمقت عمله يظل ضجراً متأففاً وهو يمارس هذا العمل البغيض إلى نفسه.
• تجاوب مع الأشياء البسيطة المحيطة بك، ولا تتعود أن تطلب ما ليس عادياً لمتعتك، فالحياة جميلة إذا تعلمت أن تستمتع بما فيها من جمال على بساطته.
• من الناس من لا يرضى عن أي شيء حوله، فهو ساخط على الدوام كأنما يحيى في جحيم، رغم أن الإفراط في السخط لا جدوى منه والتذمر لا مبرر له. ولا ريب أن الرضا بالمقسوم أسهل وأيسر، وأصح للجسم وأرضى للنفس وأمتع للروح، والبحث عن الأشياء التي ترضي أيسر من تلمس التي تسخط، وخير للإنسان أن يقنع بما يستطيع الحصول عليه، ويترك التطلع إلى ما يتعذر نواله، وليس معنى هذا أن لا يكون المرء طموحاً إلى الرقي دوما.
• في تجربة أجراها على الطلبة أحد أساتذة علم النفس في جامعة (ميتشيجان) الأمريكية، قام البروفسور «كريس بيترسون» بتكليف طلبته بكتابة رسالة شكر لأي شخص يختاره الطالب ولأي سبب. اكتشف أن كتابة تلك الرسائل منحت الطلبة عنصراً ملموساً من الرضا والسعادة التي استمر أثرها طويلاً.
إن الرضا يمنح صاحبه دفعات من الطاقة والحضور الذهني. يقول الباحثون: أن الإحساس بالرضا يجعل نومك هادئا، ويدفعك لمزيد من النشاط الجسماني، ويقلص إحساسك بالضغط العصبي، فتشعر بتحسن في الصحة وكفاءة في الأداء.
إذا انتابك إحساس بالضيق أو الضجر خذ من الوقت بضع دقائق لا أكثر.. أمسك بالقلم والورق وسجل الأشياء الصغيرة التي تشعرك بالرضا، بدءاً بمعروف أسديته لصديق ومروراً بأصناف الطعام التي تفضلها، والهوايات التي تشعرك بالمتعة.
كما أن الذكرى المتصلة بأوجه النعمة في حياتك عنصرا فعالا في النجاة من الهم والكدر، فالأمور التي تعتبرها عادية هي في الواقع أمور فوق العادة كأن تكون رب أسرة، وأن يكون لك بيت، وأن تتمتع بصحة جيدة.. التفكير في النعمة يشعرك بأنك موصول ومكفول بالحماية الربانية.
• كل الناس في كل العالم لديهم نقاط قوة وضعف، والكل ينجح ويفشل، يقع ويقوم مرة أخرى، يتعثر ولكن لا يظل على الأرض بل ينهض بنفس مستوى السقوط، لا يقف لينفض عنه تراب الأرض بل ليتعلم لماذا سقط ووقع.. هذا هو الفارق بين ضدين: السلبية، والاعتزاز بالنفس.
• نحن في حاجة لنسامح غيرنا حتى نشفي أنفسنا.. إن التسامح يفتح حياة الإنسان ليشعر بالسعادة والحب ورضا الرب، فلنستفد من المشاعر الرائعة لدينا باستخدام أعظم ثلاث أدوية للحياة: «الحب، والسعادة، والإيمان» فهي تأتي بالانسجام والسلام الداخلي بدلا من الإحساس بالذنب أو الاستياء أو الرفض.
• يجب أن تتخذ قراراً معيناً في كل موقف أو أزمة تقابلك بعد روية وتبصر، وأن تسعى لتحقيق هذا القرار بصبر وجلد، واحذر المواقف المعلقة وأنصاف الحلول فإنها لا تحسم أمرا، وتؤدي بك إلى التفكير المستمر والقلق المتواصل.
• مما يزيد من متعة الإنسان بالحياة أن يكون له إلى جانب عمله «هواية نافعة» فالتجارب الجديدة تحدث أثراً نفسياً جميلاً، والهواية تخلق التجارب الجديدة وتخلق المجهود المثمر، وكلاهما متعة للإنسان، ومن لا هواية له تمر به أوقات طويلة مملة، يضطر في غضونها إلى التفكير في متاعبه، والأفضل أن تكون الهواية مجدية ولا يكون حظنا منها اللهو واللعب فقط.
• لا تغفل العناية بصحتك، وأعط بدنك حقه من الرياضة، وحذار أن تسيء استعماله بل احتفظ به آلة جيدة صالحة تؤدي ما يطلب منها بسرعة وإتقان.
• كن ذكياً فيما تأكل، واحرص على الفواكه والخضراوات الطازجة، وعلى تناول الحبوب الكاملة، والمنتجات الغذائية الطبيعية. اجعل تناولك للأطعمة متعة بحد ذاتها، لا واجباً عليك القيام بإتمامه كي تعيش وتتمكن من العطاء. وفي الحديث الشريف «كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف ولا مخيلة» [صحيح الجامع 4505].
• احذر الهم والغضب فهما أعدى أعدائك، وعواقبها وخيمة، فالهم قاتل، ويجب عليك أن تتغلب عليه بإزالة أسبابه وبقوة إرادتك وإيمانك، أما الغضب فتذرع له بالحلم وابدأ يومك بهدوء وابتسامة، وستجد أنه ليس ثمة ما يوجب الغضب في أكثر الأحيان.
• عند فقد قريب أو صديق عزيز، من الطبيعي المرور بنوبة حزن وألم نفسي، حينها يحتاج المرء للسماح لنفسه بوقت للتفاعل مع الأزمة والتجاوب مع المحنة وربما البكاء على الفراق، فلا تقف أمام مشاعرك وانفعالاتك، لأن تفريغ المشاعر كفيل بأن يؤدي في النهاية للراحة النفسية وتجاوز الأزمة بسلام بإذن الله تعالى. أيضاً في مثل هذه الأوقات الصعبة يكون وجود صديق مخلص أو مستشار ناصح عامل هام للخروج من أفق الأزمة.
ولا ننسى قيمة الصبر والرضا بالقضاء والتفهم لطبيعتنا البشرية التي حرم الله عليها الخلود في الدنيا، وما أجمل أن نردد الدعاء النبوي «اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرا منها» فإن ذلك يساعد على النسيان والاسترخاء من خلال تقبل الواقع وسنة الحياة.
«اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر».