القيادة الناجحة، والإدارة الناجحة في أي تكتل، هي تلك العقليات القيادية والإدارية التي تفرض نفسها على الإعلام فرضاً، وتجبر عدسات الكاميرات وتقارير المراسلين على الوقوف على وجودهم الفعلي والحيوي قسراً وجبراً.
إنك كداعية وصاحب فكرة، تسعى بكل طاقاتك لأن تنشر أشرعتك أمام الناس، وتحشد لفكرتك التي آمنت بها أكبر كمّ بشري ممكن من المؤيدين لفكرتك.
هذا التعميم العام، بقدر ما يتسع مجاله بقدر ما تتسع آثاره، وبمقدار صعودك على رأس الجبل حاملاً رايتك سيراك من الناس أكثر، وكلما نزلت إلى القاع كلما تضاءل حجم وعدد مشاهديك.
لذا، فإن نظرتك للإعلام هي نظرة الظامئ للماء، ونظرة الملهوف للمساعدة والعون، فهو مخرجك لإعلان فكرك، وبوابة ولوجك إلى عقول الجماهير وقلوبهم.
بهذا الوصف فقط، تفهم أن توجهك للإعلام يمثل واجباً شرعياً انطلاقاً من القاعدة الشرعية التي يقول: "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب"، فكما أن الصلاة لا تتم إلا بالوضوء، كذلك كان الإعلام واجباً بوجوب الدعوة إلى الله بكل وسيلة وأسلوب، قال تعالى: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)(النحل: من الآية125).
لتحقيق هذه الغاية، فإن وجودك في ساحات الأحداث متطلب شرعي قبل أن يكون تنظيمياً، والتصاقك بالإعلاميين وتفاعلك الإيجابي معهم في كل مقام ومقال هو أسلوب مفيد من أساليب تعميم الثقافة التي نحملها، والإشراقات التي تريد نشرها للعالمين.
وبقدر سمو تصورك للأشياء والموجودات بقدر تعلقك بهذا المجال بكل ما فيه من عقبات، وبقدر معرفتك لذلك ولما تحمل من مبادئ وتصورات عن الإنسان والحياة والكون كلما وجدت نفسك منساقاً إلى شطآن الاحتكاك المباشر مع الإعلام بوسائله المباشرة.
مضمونان مهمان:
ولعل فرض النفس في الإعلام يحتل مضمونين ولونين هامين:
1) أن تبني ذاتك الإعلامية، وتؤسس لأذرعك الإعلامية على صعيد الكوادر والمؤسسات لتكون قادراً على استصدار الأحداث وتسويقها للعالم كما تحب.
2) أن تحيي التواصل الإيجابي مع الإعلاميين على اختلاف مؤسساتهم التي يتبعونها ويعملون معها، في مجال المطبوعات والنشريات كالصحف والمجلات ونحوها، أو في مجال العمل الإذاعي كالمحطات الخاصة بالراديو والبث الإذاعي، أو على قطاع الإعلام المتلفز في المحطات الأرضية والفضائية على حد سواء.
وحري بالذكر هنا أن النائم في بيته، والمتكئ على سريره ووسادته لن يكون صاحب حضور إعلامي، فالكفاح لمن سبق وصدق، وجاهل في الميدان يفوق عطاء عالم منعزل عن الإعلام والإعلان، والمفارقة واضحة، والتفريق بيِّن.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب وقفات إعلامية