تلعب المشاحنات بين الزوجين، والحمل والولادة، وعدم مبالاة الزوجة، واهتمامها المفرط بأولادها .. تلعب دوراً كبيراً في دفع الزوج للتغير. حيث يصل الزوج إلى قناعة أن زوجته بعد أن حملت وأنجبت وتحملت المسئوليات لم تعد كما كانت من قبل، وأنه لم يعد يجد منها الاهتمام والحظوة التي كانت في بدايات الزواج. وربما كانت الزوجة هي المسئولة عن ذلك التغير بتحول كل اهتمامها لأطفالها وبيتها وإهمال زوجها، وكلما التفت الزوج نحوها وجدها قليلة الاعتناء بنفسها مشغولة بأبنائها وبيتها، وبالتالي يشعر أنه أصبح في مرحلة متأخرة من اهتمامها، وأن الأطفال والبيت أصبحوا محور حياتها، فيولي وجهه خارج المنزل بحثا عن أصدقاء يسدون الفراغ الذي في حياته.
من الزوجات من يمثل الزواج لديها قيمة حقيقية وهدفا ساميا، وبالتالي فإن قدرا كبيرا من الاستقرار يشمل حياتها لمجرد أنها أصبحت زوجة، وهذا يحقق لها إرضاء نفسيا وسعادة حقيقية، ولهذا قد تسترخي إلي الحد الذي قد يبدو في عين الزوج أنه تغير وإهمال وعدم عناية، بينما في حقيقة الأمر هو ليس إهمالا عن عمد ولكنه قدر عال من الطمأنينة، أي ضمان ثبات العلاقة واستقرارها حيث لا يصبح هناك ضرورة للمظاهر الشكلية البراقة ولا حاجة أيضا إلي الإبهار بالعناية بمظهرها ووزنها وأناقتها.
فإذا كانت الزوجة حسنة النية ويقابلها زوج يحمل نفس المشاعر ــ وبالتالي نفس المفاهيم ــ فإنه لن يتذمر من هذا التغير الشكلي، أما إذا كان رجلا سطحيا فإنه سوف يعتبر ذلك إهمالا متعمدا أو نقصا في المشاعر، فيقابل ذلك بالتذمر والشكوى، والأخطر أنه قد يجد لنفسه المبرر للانفلات.
وهناك زوجة أخري ينطفئ وهجها بعد الزواج، وخاصة إذا كانت بذلت مجهودا للحصول علي زوج، فبعد الزواج يصيبها الفتور العاطفي ويتراجع اهتمامها بكل ما يتعلق بقضية الزواج، من اهتمام بالزوج واهتمام بالحياة الزوجية ذاتها ومدي حرصها علي استقرار العلاقة واستمرارها، وهنا لا يكون الأمر شكليا فقط ولكن تتضح نيتها أو اهتماماتها المادية البحتة، أو تقديمها لنفسها على زوجها، أو نرجسيتها، أو تأتي احتياجات زوجها في المرتبة الأخيرة، وهذا يعني في البداية أن الزواج لا يمثل قيمة كبري أو هدفا حقيقيا في حياتها، والزوج قد يستجيب لهذا التغير في شخصية الزوجة إما بالاستسلام أو برد الفعل الحاد الذي قد يهدد العلاقة الزوجية بالانهيار.
وقد تتكشف أشياء عن الزوجة كانت خافية علي الزوج قبل الزواج واستطاعت الزوجة أن تخفيها ويفاجأ بها الزوج بعد الزواج، ويبدو الأمر علي أنه تغير حدث في الشخصية، كالمرأة العصبية والعدوانية والغيورة والأنانية والمادية والنرجسية والأهم من ذلك المرأة غير الملتزمة دينيا.
وقد تمثل هموم الأسرة ومسئولية البيت عبئا ثقيلا على بعض الزوجات بالقدر الذي لا تتفرغ فيه لباقي اهتماماتها وخاصة المتعلقة بالزوج، وهذه ليست ظاهرة طبيعية ولها سبب علمي يعود إلى شخصية المرأة وأسلوب نشأتها، فنحن لم نرب أطفالنا على أشياء مهمة منها: حسن استغلال الوقت، وتقسيمه بين المسئوليات المطلوبة منهم مثل المذاكرة، وممارسة الرياضة، والمساعدة في أعمال البيت؛ حتى تستطيع المرأة بعد الزواج تقسيم وقتها بين عملها وبيتها وزوجها وأولادها فلا تجور مسئولية على حساب الأخرى.
كما يعتبر تدريب الفتيات منذ الصغر على أعمال البيت تدريبا تدريجيا لهن على تحمل مسئولية بيوتهن بعد الزواج، وبالتالي تستطيع القيام بواجبها دون التقصير فيه أو في حق الزوج والأبناء.
أيضا نجد أن تعليم الأولاد المشاركة والتعاون في أعمال المنزل يشجعهم على معاونة ومساعدة زوجاتهم أو على الأقل الاعتراف بالمجهود الذي تبذله الزوجة في أعمال البيت. ولا ننكر أن مسئولية البيت والأولاد الملقاة على عاتق الزوجة كبيرة وثقيلة -خاصة إذا كانت الفتاة لم تتعود دخول المطبخ أو الأعمال المنزلية سابقا- ويزداد ثقلها بعدم تعاون الزوج معها أو على الأقل تشجيعها بكلمات تحمل معنى الحب والاعتراف بمجهودها لتعطيها الدافع للاستمرار في العطاء دون كلل أو ملل.
وإذا حدث العكس .. أي قامت الزوجة بمسئوليتها تجاه بيتها وأولادها، ولم تجد الزوج المتعاون معها بدا عليها علامات التغير، المتمثل في إهمالها لمظهرها وعملها وأحيانا بيتها وزوجها، ويظهر نتيجة التغير نفسيا وجسمانيا.
- نفسيا: أي ليس لديها الدافع للاهتمام بهندامها ورشاقتها ما دام أنها في كل الأحوال لا تعجب زوجها، ولا تسمع منة كلمة إعجاب أو ثناء على أي عمل تقوم به.
- جسمانيا: متمثلا في الإرهاق البدني والشكوى من الآلام المتنوعة بالجسم.
ويؤكد علماء النفس أن التغير في شخصية الزوجة عموما يختلف حسب موقفها من الزواج وقدرتها علي التكيف مع الطرف الآخر، فإذا كانت حريصة علي زواجها فإنها ستبذل كل جهد لتكون بالصورة التي يحبها عليها زوجها، أما إذا كانت غير حريصة بالقدر الكافي فإنها ستكون لا مبالية ولن تبذل جهدا في الحفاظ علي صورتها وهيئتها.
إن التغير الطبيعي في شخصية المرأة بعد الزواج يجب أن يكون في اتجاه أنها أصبحت اثنين وليس شخصا واحدا، وامتزاج شخصيتها مع شخصية الطرف الآخر، وهذا يمنحها قوة في مواجهة مشاكل الحياة بأنانية أقل وتسامح أكبر ورضا أعمق، وكل هذا يتوقف علي ذكاء حواء , فحين ترضي الزوجة الجديدة عن حياتها فسرعان ما تبدأ مرحلة جديدة لبلورة شخصيتها التي ستقود بها البيت، فتتنازل عن آرائها المتعصبة لتوائم حياتها، والأكثر من ذلك أنها تضطر لتغيير عاداتها، بل وصداقاتها إذا كانت لا ترضي الزوج منعا للمشاكل والخلافات، وقد تجد الزوجة أن لها أخلاقا وصفاتاً وطباعا يكرهها الزوج: كالتدخل في شئون الآخرين أو حب التملك والسيطرة وكراهية هواياته أو أصدقائه، فتبدأ في محاولة المسالمة لتقريب التفاهم مع زوجها، وقد يأخذ هذا بعض الوقت .
ومغالبة ما تعودت عليه الزوجة سنوات طويلة يحتاج إلي صبر، حتى يتم تقويم الصفات التي تجعلها في أحسن صورة كما يتمناها الزوج. ففترة الفتاة الحالمة كان لها مذاقها وذكرياتها، لكن الواقع يفرض نفسه علي حياتها فلا تنطوي علي نفسها وتصر علي عدم التغيير، حتى لا تندم علي نهاية حياتها الجديدة سريعا بحجة الكرامة والإصرار علي عدم مواءمة مناخها بمناخ زوجها .