تواصل نزوح آلاف المسلمين من جمهورية أفريقيا الوسطى إلى تشاد والكاميرون المجاورتين هربا من أعمال عنف عرقية تمارسها ميليشيات مسيحية, وشملت قتل مسلمين في الشوارع وحرق جثثهم. وقد أعلنت مدعية المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق تمهيدي في جرائم حرب محتملة في هذا البلد.
وغادرت قافلة ضخمة من شاحنات وسيارات أجرة تنقل مدنيين مسلمين صباح أمس العاصمة بانغي باتجاه تشاد وسط صيحات حشود غاضبة من المسيحيين، وفقا لشهود عيان.
وسلكت القافلة الطويلة المحور المؤدي إلى المدخل الشمالي لبانغي وسط شتائم السكان الذين اصطفوا على طول الطريق.
وأكد بعضهم لوكالة الصحافة الفرنسية أن أحد المغادرين سقط من أعلى شاحنة كانت تقله وتعرض للضرب حتى الموت, وأفاد مصور للوكالة بأن جثة الضحية ألقيت على حافة الطريق.
كما تعرضت شاحنة أخرى من القافلة لهجوم من عناصر مليشيات مسيحية.
و ذلك بعد أن أجبر الجيش الفرنسي مقاتلي سيليكا (المسلمين) على الخروج من العاصمة بانغي في ديسمبر الماضي ؛ الأمر الذي أطلق العنان لمليشيات مسيحية بالقيام بموجة دموية من قتل المسلمين لازالت خارج السيطرة إلى الآن , بعد أن تحدثت تقارير عن مقتل أكثر من سبعين مسلما أمس الثلاثاء .
وتأتي شهادات بعض المنظمات لتكشف عن هول الجريمة التي ترتكب بحق المسلمين هناك , فقد قال مدير الطوارئ في منظمة "هيومان رايتس ووتش" بيتر بوكارت : إن أكثر من 1000 شخص قتلوا منذ الإطاحة برئيس جمهورية أفريقيا الوسطى العام الماضي ، حيث اندلعت حرب طائفية شردت الملايين ، وأصبح المسلمون هدفا للميليشيات "المسيحية" التي تتجول في البلاد، وتجبرهم على الرحيل أو تقتلهم بدم بارد .
و ينقل "بوكارت" مشاهداته إثر زيارة قام بها للعاصمة بانغي وما تشهده من عمليات ذبح وملاحقة للمسلمين هناك قائلا : "بعد أن أُخرجت جماعات السيليكا من حي المسلمين، وصلت مئات من الجماعات المسيحية، وطردوا من تبقى في الحي من المسلمين، ونهبوا بيوتهم أو دمروها، حتى المسجد لم يسلم من تخريبهم، مرددين عبارات أن هذا البلد للمسيحيين فقط".
ويصف مدير الطوارئ في "هيومان رايتس ووتش"، سجل الموتى في مشرحة بانغي بأنه "يشبه فصلا من فصول الجحيم في "كوميديا دانتي"، كما يشير إلى ممارسات القوات الفرنسية المنحازة للمسيحيين هناك , حيث ذكر أنها تقوم بسحب السلاح من السيليكا (المسلمين) ، بينما يتردد أفرادها في التدخل لمنع عمليات القتل الانتقامي التي تقوم بها الجماعات "المسيحية" ضد المسلمين الذين أصبحوا عزلا.
إنها الحقيقة التي لا بد أن نواجهها بكل جدية حتى نستطيع التخلص منها ومن آثارها المدمرة , حقيقة فرقة واختلاف المسلمين وتمزقهم رغم كونهم على الحق , واجتماع وتعاون وتنسيق عدوهم فيما بينهم رغم كونهم على الباطل .
وإذا كان هذا الداء القاتل بحاجة إلى علاج ودواء في أيام السلم والرخاء والأمن الذي كانت عليه دول المسلمين من قبل , فإنه الآن أشد حاجة وأكثر إلحاحا في ظل حرب الإبادة التي تمارس ضدهم في هذه الأيام .