لما بدأ تدوين السنة وضع العلماء قواعد علمية للرواية وتصحيح الأخبار وتضعيفها ، وهو ما عرف فيما بعد بعلم مصطلح الحديث ، وهو علم يبحث في تقسيم الخبر إلى صحيح وحسن وضعيف ، وتقسيم كل من هذه الثلاثة إلى أنواع ، وبيان الشروط المطلوبة في الراوي والمروي ، وما يدخل الأخبار من علل واضطراب وشذوذ ، وما ترَدُّ به الأخبار ، وبيان كيفية سماع الحديث وتحمله وضبطه ، وآداب المحدث وطالب الحديث ، وغير ذلك من المباحث التي كانت متفرقة وقواعد قائمة في نفوس العلماء في القرون الثلاثة الأولى إلى أن أفرت بالتأليف والجمع والترتيب ، شأنها شأن العلوم الإسلامية الأخرى في تطورها وتدرجها .
ومن المصنفات المشهورة في هذا الفن :
1- المُحَدِّث الفاصل بين الراوي والواعي :
صنفه القاضي أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرَّاَمهُرْمُزي ، المتوفى سنة (360هـ) ، لكنه لم يستوعب أبحاث المصطلح كلها، وهذا شأن من يفتتح التصنيف في أي فن أو علم غالباً.
2- معرفة علوم الحديث :
صنفه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ، المتوفى سنة (405هـ) ، لكنه لم يهذب الأبحاث ، ولم يرتبها الترتيب الفني المناسب .
3- المُسْتَخْرج على معرفة علوم الحديث :
صنفه أبو نُعَيْم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، المتوفىَّ سنة (430هـ) ، استدرك فيه على الحاكم ما فاته في كتابه معرفة علوم الحديث من قواعد هذا الفن ، لكنه ترك أشياء يمكن للمتعقب أن يستدركها عليه أيضاً.
4- الكفاية في معرفة أصول الرواية :
صنفه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ، المتوفَّى سنة (463هـ) ، وهو كتاب حافل بتحرير مسائل هذا الفن ، وبيان قواعد الرواية ، ويعتبر من أجلِّ مصادر هذا العلم.
5- الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع :
صنفه الخطيب البغدادي أيضاً، وهو كتاب يبحث في آداب الرواية كما هو واضح من تسميته وهو فريد في بابه ، قيم في أبحاثه ومحتوياته. وقَلَّ فن من فنون علوم الحديث ألا وصنف الخطيب فيه كتاباً مفرداً ، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة : كل من أنصف عَلِمَ أن المحدثين بعد الخطيب عِيال على كتبه .
6- الإلْماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع :
صنفه القاضي عياض بن موسى اليحصبي ، المتوفى سنة (544هـ) ، وهو كتاب غير شامل لجميع أبحاث المصطلح ، بل هو مقصور على ما يتعلق بكيفية التحمل والأداء وما يتفرع عنها لكنه جيد في بابه ، حسن التنسيق والترتيب .
7- ما لا يَسَعُ المُحَدِّثَ جَهْلُه :
صنفه أبو حفص عمر بن عبد المجيد الميانجي ، المتوفى سنة (580هـ) ، وهو جزء صغير ليس فيه كبير فائدة.
8- علوم الحديث أو ( مقدمة ابن الصلاح ) :
صنفه أبو عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشَّهْرَزُورِي المشهور بابن الصلاح ، المتوفى سنة (643هـ) ، وكتابه هذا مشهور بين الناس بمقدمة ابن الصلاح ، وهو من أجود الكتب في المصطلح ، جمع فيه مؤلفه ما تفرق في غيره من كتب الخطيب ومن تقدمه ، فكان كتاباً حافلاً بالفوائد ، لكنه لم يرتبه على الوضع المناسب ، لأنه أملاه شيئاً فشيئاً ، وهو مع هذا عمدة من جاء بعده من العلماء ، فكم من مختصر له وناظم ومعارض له ومنتصر.
9- التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير :
صنفه محيي الدين يحيى بن شرف النووي ، المتوفى سنة (676هـ) ، وكتابه هذا اختصار لكتاب علوم الحديث لابن الصلاح ، وهو كتاب جيد لكنه مغلق العبارة أحياناً.
10- التبصرة والتذكرة أو ( ألفية العراقي ) :
صنفها زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي ، المتوفى سنة (806هـ) ، وهي مشهورة باسم ألفية العراقي نظم فيها علوم الحديث لابن الصلاح وزاد عليه ، وهي جيدة غزيرة الفوائد، وعليها شروح متعددة ، منها شرحان للمؤلف نفسه.
11- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي :
صنفه جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ، المتوفى سنة (911هـ) ، وهو شرح لكتاب تقريب النووي كما هو واضح من اسمه ، جمع فيه مؤلفه من الفوائد الشيء الكثير.
12- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث :
صنفه محمد بن عبد الرحمن السَّخَاوي ، المتوفَّى سنة (902هـ) ، وهو شرح على ألفية العراقي ، وهو من أوْفَى شروح الألفية وأجودها.
13- نُخْبَة الفكر في مصطلح أهل الأثر :
صنفه الحافظ ابن حجر العَسْقَلاَني ، المتوفى سنة (852هـ) ، وهو جزء صغير مختصر جداً ، لكنه من أنفع المختصرات وأجودها ترتيباً، ابتكر فيه مؤلفه طريقة في الترتيب والتقسيم لم يسبق إليها ، وقد شرحه مؤلفه بشرح سماه نزهة النظر ، كما شرحه غيره .
14- المنظومة البيقونية :
صنفها عمر بن محمد البيقوني ، المتوفى سنة (1080هـ) ، وهي من المنظومات المختصرة ، إذ لا تتجاوز أربعة وثلاثين بيتاً ، وتعتبر من المختصرات النافعة المشهورة ، وعليها شروح متعددة.
15- قواعد التحديث :
صنفه الشيخ جمال الدين القاسمى ، المتوفى سنة (1332هـ)، وهو كتاب محرر مفيد .
وهناك مصنفات أخرى كثيرة يطول ذكرها، اقتصرنا على ذكر المشهور منها . فجزى الله الجميع عنا وعن المسلمين خير الجزاء .