يوافق الثلاثين من آذار لهذا العام، الذكرى السادسة والثلاثين ليوم الأرض، يوم تنادى الفلسطينيون في منطقة 48 في عام 1976 إلى تنظيم مظاهرات حاشدة في كل المدن والقرى الفلسطينية، احتجاجاً على مصادرة السلطات الصهيونية ل(31) ألف دونم من أراضي الجليل: في عرّابة، وسخنين، ودير حنا، وغيرها.
قامت المظاهرات الفلسطينية وجاء الجيش والدبابات "الإسرائيلية" وحرس الحدود، لقمع هذه التظاهرات بالقوة وبالرصاص الحي، الأمر الذي أدّى إلى استشهاد 6 من أبناء شعبنا وجرح المئات.
لم تكتف سلطات الاحتلال بذلك، بل فرضت حظراً للتجول في قرى الجليل والمثلث، وذلك في اليوم التالي، وقامت بحملة اعتقالات واسعة بين الفلسطينيين في منطقة 48 طالت المئات.
لقد أصبح هذا اليوم منذ تلك الحادثة، يوماً للمحافظة على الأرض الفلسطينية من التهويد، ورمزاً لوحدة الشعب الفلسطيني في الوطن وفي الشتات، فجماهير شعبنا وفي كل أماكن وجودها، جعلت من هذا اليوم مناسبةً من أهم مناسبات التاريخ الفلسطيني، تعلن فيه تمسكها بكل الأرض والوطن الفلسطيني، مناسبة تؤكد فيها التزامها تحرير فلسطين وأن "إسرائيل" الغازية إلى زوال، مناسبة تؤكد فيها حق العودة لكل اللاجئين من منطقة 48، الذين أجبرتهم الدولة الوليدة والعصابات الصهيونية، على الخروج من أراضيهم عبر ترحيلهم، وقامت باقتراف المذابح والمجازر الجماعية لإرهاب أهل فلسطين وإجبارهم على الرحيل، وذلك في مخطط مدروس لهدم ما يزيد على 500 قرية فلسطينية فيما بعد، مسحتها بعد تدميرها في محاولة واضحة لتزييف تاريخ الأرض كي يتلاءم مع الأضاليل والأساطير الصهيونية.
لقد استولت "إسرائيل" على 92% من أراضي فلسطين في عام 1948، بموجب قوانين للسلب والنهب، سنّتها الكنيست الصهيوني. لم تكتف الدولة الصهيونية بهذا الرقم، بل أصبحت تصادر بشكل دوري المزيد من الأراضي الفلسطينية مرّة بحجة: لزومها للأمن والجيش الصهيوني، وتارةً لأهميتها لبناء المستوطنات والمستعمرات الجديدة للقادمين الجدد إلى "إسرائيل"، ولمحاولة تهويد الجليل.
في عام 1976 تنادى أبناء وطننا المحتلة أرضهم في عام 1948 ومن خلال مؤتمر عقدوه في الناصرة، وكان من أبرز قراراته: تنظيم احتجاجات بأشكال مختلفة في 30 مارس/آذار 1976 احتجاجاً على مصادرة أراضيهم، وكان ما كان.
لقد تمثلت المعادلة "الإسرائيلية" في التعامل مع أهلنا في منطقة 48 بـ (أرض أكثر وعرب أقل).
لذلك حرصت الدولة الصهيونية منذ إنشاء كيانها حتى اللحظة، على اتباع سياسة التضييق والخنق في كل المجالات تجاههم، هذا عدا سياسات التمييز العنصري، الفاشي بحقهم، في محاولة واضحة لدفعهم دفعاً إلى الخروج من وطنهم وأرضهم، بخلق واقع مادي، حياتي، صعب لهم، بحيث يصبح من المستحيل عليهم البقاء فيها . رغم ذلك صمد أهلنا وما زالوا صامدين في وطنهم.
لقد قامت الكنيست الصهيونية بسن القوانين العنصرية تجاه أهلنا على مدى ما يزيد على الستة عقود، ومنذ يومين اثنين 22 مارس/آذار الحالي قامت بإقرار قانونين بشكل نهائي، والثالث بالقراءة الأولى، ويقضي القانون الأول بفرض تقييدات على فلسطينيي 48، لدى إحيائهم ذكرى النكبة، بالشكل الذي يمنع فيه هذا الإحياء، بفرض غرامات مالية باهظة، والسجن على من يخالف هذا القانون، أما القانون الثاني فيقضي بمنح "صلاحية" للبلدات اليهودية بتشكيل ما يسمى ب(لجان القبول)، وبإمكان هذه اللجان الاعتراض على سكن من لا يتلاءم مع طبيعة (المجتمع) في البلدة ولا ينسجم مع (الأجواء والثقافة الصهيونية) في البلدة، وهذا القانون موجه بطبيعة الحال ضد فلسطينيي 48 الذين صودرت أراضيهم، وأقيمت عليها هذه البلدات.
أما القانون الثالث الذي جرى إقراره بالقراءة الأولى (تلزمه قراءتان أخريان ليصبح قانوناً) فينص على إلزام كل من يتم تدمير بيته بحجة ما يسمى ب(البناء غير المرخص) على دفع تكلفة التدمير، وهو أيضاً قانون موجه أساساً ضد فلسطينيي 48 الذين يواجهون سياسة تضييق خناق في مجال السكن، وتحرمهم السلطات الصهيونية من توسيع أبنيتهم، الأمر الذي يدفع العرب إلى البناء على أراضيهم الخاصة ومن دون تراخيص، إذ ترفض السلطات أصلاً استصدارها، وهناك آلاف البيوت العربية المهددة بالتدمير.
في يوم الأرض كل التحية لأبناء شعبنا الفلسطيني في منطقة 48، وحيثما يوجد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الخليج الإماراتية