بولندا جمهورية تطل على بحر البلطيق، تحدها روسيا شرقاً وألمانيا غرباً ، وجمهورية التشيك والسولوفاك جنوباً .
توجد في بولندا أقلية مسلمة أشبة بجزيرة إسلامية في محيط كاثوليكي . كانت هذه الأقلية تمثل أقصي امتداد إسلامي حتى قيام الحرب العالمية الثانية ، وهي تبعد عن المراكز الإسلامية بألف كيلومتر.
يعود أصل المسلمين في بولندا إلى بقايا التتر المسلمين الذين هاجروا إلى بولندا في القرن السادس عندما استعان الليتوانيون بالمحاربين التتر المسلمين في الحفاظ على حدودهم مع ألمانيا ، وأقطعوهم الأراضي وأعطوهم بعض الامتيازات ، فتكونت من هؤلاء التتر جالية إسلامية في ليتوانيا وبولندا لا يسمع بها أكثر المسلمين .
كان عدد المسلمين في بولندا قبل الحرب العالمية الثانية قريباً من 150 ألف نسمة وأما عددهم اليوم فيتراوح بين (20-25) ألف نسمة رغم زيادة عدد سكان بولندا ؟
ولم يبق لهؤلاء من الإسلام إلا الاسم وبعض الرسوم : كصلاة الجنازة والدفن في المقبرة الإسلامية ، وهي من الشواهد القليلة على الوجود الإسلامي في بولندا ، ورغم الجهل الشديد بالإسلام بسبب ذهاب العلماء والوعاظ نتيجة البطش الروسي الذي انهار سنة 1989م . يبقى مسلمو بولندا معتزين بدينهم ، متحسرين على نسيان العالم الإسلامي لهم .
نبذة تاريخية :
- خضعت بولندا مع روسيا وشرق أوربا لسيادة ( القبيلة الذهبية ) أرقي قبائل التتار في الفترة بين 1227- 1505 م .
- في سنة 1683م وقفت بولندا في وجه الدولة العثمانية ومنعت مد سلطانها في غرب أوربا وذلك عندما حاصرت تركيا "فيينا" فقام التحالف الأوربي ، واستطاع النصارى أن يهزموا تركيا في معركة ( وينروالد ) في 12سبتمبر 1683م ، وكانت هذه بداية التقلص للإمبراطورية الإسلامية ، وقد احتفلت الكنيسة الكاثوليكية وبولندا النصرانية سنة 1983 بمرور 200 سنة على هذا النصر على الدولة العثمانية المسلمة .
- تعرض المسلمون في بولندا للاضطهاد في القرنين السابع عشر والثامن عشر حين حاول البولنديون إجبارهم على اعتناق الدين المسيحي ، ونص القانون على تحريم تقلدهم للمناصب ،وضيق عليهم سياسياً وثقافياً واجتماعياً ، وأدى سوء الأوضاع إلى هجرة كثير منهم إلى الدولة العثمانية .
العصر الذهبي :
عاش المسلمون عصراً ذهبياً وحرية كبيرة في الفترة بين الحربين العالميتين ، وبعد أن شارك المسلمون في استقلال بولندا اعترفت الدولة (بالاتحاد الإسلامي البولندي ) سنة 1925م .
وصدرت مجلات إسلامية مثل " المسلم البولندي" سنة 1925واهتم المسلمون بتاريخهم وشهدت هذه السنوات نهضة ثقافية ملحوظة ، ونشرت طبعات للقرآن وبعض الكتب .
ثم انتهى ذلك كله بين عشية وضحاها حين دخلت القوات الروسية والألمانية بولندا سنة 1939م وقاوم البولنديون ، ومعهم المسلمون بقيادة الزعيم الفذ" علي بليازيويتش " ومات عدد كبير منهم .
ثم جاء " ستالين " ونفذ مجازر بشعة في حق المسلمين بتهمة التعاون مع ألمانيا - تماماً كما فعل مع مسلمي القرم - وكانت أشهر مجازره يوم عيد الفطر سنة 1944حين أحرق خمسة عشر مسجداً بمن فيها من المصلين ، وقد أدت تلك المجازر والمذابح إلى تناقص عدد كبير من المسلمين بصورة رهيبة .
وحتى بعد خروج الروس من بولندا لم يتغير وضع المسلمين فيها ، لوجود الحكومة الشيوعية التابعة لموسكو والتي أذاقت المسلمين الويلات حيث لم يبق من 35 مسجداً سوى مسجدين ، ودمرت المدارس والمؤسسات الإسلامية بالكلية حتى ساد التخلف ، وقل الوعي ، وضعف أو ذهب الانتماء ، مما ساهم بشكل كبير في ذوبان الأقلية المسلمة وسط المجتمع خاصة في المدن حيث تتزوج المسلمة بنصراني ، وغالباً ما يتحول هؤلاء للمسيحية بعد ذلك .
وأما مسلموا القرى فأكثر تمسكاً بالإسلام ، وأقل ذوباناً في المجتمع ، ولا يزوجون النصارى ولا يتزوجون منهم .
مسلمو بولندا اليوم :
يبلغ عدد المسلمين اليوم في بولندا (20-25) ألفاً ، أكثرهم من أصل تتري وهم مشتتون بصورة كبيرة جغرافياً ومهنياً ، ولهم مفتٍ يشرف على شؤونهم الدينية والثقافية ، كما سمحت له الحكومة بتشكيل " المجلس الإسلامي البولندي " وهو كيان قانوني معترف به - وله حق بناء المساجد ، وإنشاء المدارس - ومقره حسب الدستور بالعاصمة وارسو.
لم يبق بعد الحكم الشيوعي للمسلمين سوى مسجدين في مدينة بياليستوك وقد أعادتهما الحكومة البولندية للمسلمين ، وتمكنوا بالفعل من استئناف الصلاة فيهما .
أقام المسجد الإسلامي البولندي مركزاً إسلامياً جامعاً في بياليتستوك يشمل مسجدا ، ومدرسة لتعليم القرآن الكريم ، وقاعة للمحاضرات ، وداراً للضيافة .
يتركز المسلمون في مدينتي " غدانسك " و"بياليستوك" ، ويصدرون مجلة إسلامية بعنوان " الحياة الإسلامية "