آهِ منـا آهِ يا شهـر المـحـرم
آهِ من عملاقنـا كيـف تقـزم
آهِ من أحلامنا صـارت سرابـاً
آهِ من صرح المـروءاتِ تهـدم
آهِ من ألف قتيـل وقتيـل
مـن عظام في ربى الأقصـى تُهشـم
آهِ مـن دبابـة تقتـل طـفـلاً
آهِ من نار على الأحباب تضـرم
آهِ من أمتنـا كيـف استحالـت
كفراش في لظـى النـار تقحـم
آهِ منها تمنح الأعـداء شهـداً
وهي لا تشرب إلا كأس علقـم
تطلب العدل من الباغي عليهـا
وتنادي مـن إذا جـاوب تمتـم
أي عدل يرتجـى ممـن تغابـى
ولمـا يصنـعُ شـارون تفَهّـم
لم يـزل يعلـن ليـلاً ونهـارا
أن شارون من الأطفـال يُظلـم
آهِ مـن بـاءٍ وواوٍ ثـم شيـنٍ
رسَمَت صـورة وجـهٍٍ يتجهـم
يعلن العطف على الباغي ويأبـى
أن يرى المأساة في أجفان يتـيم
غارق في صمتهِ حتـى إذا مـا
هبت الأحـداث بالجـور تكلـم
لست أدري إي وربي لست أدري
ما الذي يجعل ذهن الصخر يفهم
عبثـاً أن نسـأل الليـل إذا مـا
غمر الدنيا لمـاذا الليـل أظلـم
أين قومي لا تسل عن حال قومي
سترى مَن خفض الرأس وغمغم
سترى مَن أغمض العينين لمـا
طارت الأشلاء في الدرب الملغم
واقع يجري على الأرض يرينـا
صنم الأوهام في قومي تحطـم
ويُرينـا صـورة الأمـة لمـا
أصبحت في مأتم من بعد مأتـم
قل لمن يروي لنـا آثـار لخـم
وجـذام والعماليـق وخثـعـم
إنمـا المجـد إبـاءٌ وشمـوخ
وبطولات أمام القـدس ترسـم
حرك المعتصمُ الجيش انتصـاراً
لفتـاة صوتُهـا الباكـي تظلـم
خاضها معركة كبـرى أعـادت
هيبة في نفسِ من خان وأجرم
أنضج السيف جلود الروم فيهـا
قبل أن تنضُج أعنـاب وتصـرم
وأرى أمتنـا اليـوم خنـوعـاً
ثغرها بالخـوف والـذل مكمـم
صرفت عن صرخة الأيتام وجهاً
وكأن الناطـق المفصـح أبكـم
ويحكم يا ألف مليـون أنرضـى
أن نرى الأزهار للجانـي تقـدم
يا ربوع المسجد الأقصى لدينـا
خبر عن جرح لميـاء وهيثـم
عن ألوف سمعوا الرشاش لمـا
أعلن الموت على الطفل ودمـدم
ورأوا دمـعـة أم تتـسـامـى
حينما ودعهـا الطفـل الملثـم
لم تودعه إلـى الملعـب حتـى
يحرز الفـوز وبالكـأس يكـرَّم
إنما ودعت الطفل ليلقـى ربـه
فـي ساحـة المـوت ويغنـم
روض الأحداث متناً وامتطاهـا
حينما لم يبصر شجاعـاً يتقـدم
حينما لم يبصر مـن الأمـة إلا
من تغطى ، وتغافى ، وتبـرم
ورأوا بنت ربيع العمـر أقـوى
من رجال آثروا الصمت وأكـرم
أعلنـت أشلاؤهـا فينـا بيانـاً
واضحاً أسمى من القول وأعظم
أبلغـت ما لـم يبلغـه رجـال
سيفُهم في نُصرة الحـق ملثـم
حزمت بالنار والبـارود جسمـاً
هزت الباغـي به واللهُ يرحـم
إنه القهـر رماهـا فاستحالـت
جذوة تعصف بالقـول المرجّـم
أيها الأقصى أيا مسـرى نبـيٍّ
أرشد الدنيا إلى الخيـر وأعلـم
نحن أولى بـك آمنَّـا بموسـى
ونبـي الله طـه وابـن مريـم
أمتـي أكبـر مما صـار لكـن
حطمتها قولـة الكفـر المنظـم
لو بعثنا واحداً مـن كـل ألـف
لمشى جيش إلى القدس عرمـرم
أيها الأقصى أيا ساحـة حشـرٍ
للبرايا يا أخـا البيـت المحـرم
عندنـا والله إحسـاس كبـيـر
بمآسيـك ورب البيـت أعـلـم
إن يكن أظمأك الباغـي فإنـا
سوف نسقيك غداً من ماء زمزم