نجاح عمليات اغتيال قادة حماس نتيجة معلومات سربها عملاء فلسطينيون، والقبض على عشرات المشتبه فيهم في محاولة لتطهير البيت من الداخل.
=======================
طفت قضية المتعاونين الفلسطينيين مع إسرائيل على السطح خلال الأسبوعين الأخيرين لدرجة باتت تؤرق مضاجع المسؤولين وقيادات ورموز الفصائل والشارع الفلسطيني على حد سواء، لا سيما بعد قيام الجيش الاسرائيلي بتكرار عمليات الاغتيال التي يمارسها ضد القيادات الفلسطينية .
وقد اغتالت مروحية إسرائيلية يوم الاحد الماضي أحد نشطاء حركة حماس في وسط مدينة طولكروم في سيارته بإطلاق صواريخ عليها أحالتها إلى حطام ملتهب .
وكانت محاولة قد جرت السبت باستخدام صواريخ جو - أرض أطلقتها طائرات مروحية باتجاه سيارات فلسطينية كان تقل إحداها مروان البرغوثي أحد أبرز قادة حركة فتح في الضفة الغربية، مما يضع هذه القضية في محك حقيقي على مستقبل الانتفاضة الفلسطينية المستمرة منذ ما يقارب 11 شهراً.
وجاء الحادث في الوقت الذي اعلن فيه مسؤولون أمنيون فلسطينيون القبض على عشرات من المتعاونين مع اجهزة الامن الاسرائيلية كلفوا بعمليات مراقبة وارسال معلومات دقيقة ومفصلة عن تحركاتهم اليومية.
ويقول مراقبون فلسطينيون انه بقدر ما تمتلكه اسرائيل من تكنولوجيا ومعلومات استخبارية لتنفيذ عمليات الاغتيال فإنه لا يمكن أن يكتب لها النجاح بهذه الطريقة بدون الاستناد الى العنصر البشري ، أي المعلومات التي تحصل عليها من المتعاونين .
وقال مسؤول في حركة فتح في الضفة الغربية إن فشل محاولة اغتيال البرغوثي ربما يرجع إلى الاحتياطات التي اتخذت باستبدال السيارات وسرعة الحركة لدى سماع صوت المروحيات.
وقال المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه ان اجهزة الامن الفلسطينية طلبت من المسؤولين الفلسطينيين والكوادر في التنظيمات الفلسطينية بأخذ الاحتياطات اللازمة وذلك بتغيير الروتين المعتاد في تحركاتهم وعملهم والتقليل من استخدام سياراتهم الشخصية "وكذلك الحد من استخدام الهواتف النقالة، وغيرها من الاحتياطات اللازمة لافشال أي مراقبة وترصد".
وكانت محكمة أمن الدولة العليا الفلسطينية قد أرجأت النطق بالحكم على أحد المتعاونين الفلسطينيين المشتبه في تخابره مع أجهزة أمن إسرائيلية إلى يوم الاثنين القادم ، للاستماع إلى عشرة شهود في هذه القضية.
ووجهت النيابة العسكرية الفلسطينية إلى المتهم بالتعاون مع اسرائيل، وهو خالد سعدي العكة، ثلاث تهم هي "التخابر مع جهات أجنبية والقتل بالاشتراك وإضعاف إرادة الشعب الفلسطيني"، وهي تهم قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
وسبق ان ادين خمسة فلسطينيين في بتقديم معلومات مفصلة لأجهزة الامن الاسرائيلية لتمكينها من تنفيذ عمليات ضد كوادر فلسطينية من حماس وحركة فتح .
وقال المستشار خالد القدرة النائب العام لمحكمة أمن الدولة : "إننا لن نتهاون في قضايا العملاء، ونحن نعمل على مدار الساعة من أجل اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها بالتعاون مع الاجهزة الامنية الفلسطينية".
وتتزايد الضغوط من الفصائل والتنظيمات الفلسطينية، وحتى من المواطنين الفلسطينيين، على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، لقطع دابر هذه الفئة التي ينظر إليها باعتبارها فئة ضالة خارجة عن الصف الوطني الفلسطيني ، خاصة بعد استهداف إسرائيل لقادة ميدانين فلسطينيين .
وتقول التحقيقات الأمنية الفلسطينية ان العكة أدلى بمعلومات ساهمت في اغتيال مسعود عياد /55 عاما/ في غزة في الثالث عشر من شباط/فبراير الماضي ، وهو برتبة رائد في القوة الـ 17، وهو الاسم الذي يطلق على القوة المكلفة بحماية الرئيس الفلسطيني .
وقال مسؤولون فلسطينيون أن عيادا اغتيل بواسطة أربعة صواريخ أطلقت عليه من طائرة مروحية من نوع اباتشي عندما كان يقود سيارته قرب مفترق منطقة جباليا في عمق الاراضي الفلسطينية.
وقد اصابت القذائف الاخرى اربعة مواطنين فلسطينيين وست سيارات مدنية تصادف مرورها في المكان كما تضررت المباني المحيطة.
وخلال المحاكمة قالت النيابة العامة ان العكة كان يراقب تحركات عياد بطلب من اجهزة امن اسرائيلية. وعندما خرج عياد في ذات مرة متوجها إلى عمله قام بإبلاغ ضابط اسرائيلي عبر وسيلة اتصال قبل أن يحدث الهجوم بدقائق.
وادانت محكمة امن الدولة نهاية الاسبوع الماضي محمد ابو عيشة - 50 عاما- من مخيم العين في نابلس بالاعدام رميا بالرصاص بعد إدانته بالخيانة والتسبب في اغتيال صلاح دروزة ، احد قادة حماس في الخامس والعشرين من الشهر الماضي . وهتف المئات من المواطنين من داخل وخارج المحكمة بعد صدور الحكم "الله أكبر. الله اكبر. الموت للعملاء. الموت للخونة ".
ونشرت عائلة ابو عيشة في نابلس الجمعة بياناً الى الرأي العام تعلن فيها تبرؤها منه وانه لا يمت لها بصلة، وذلك كي تنأى بنفسها عما اقترفه ابنها من " عار عليها أمام الناس ".
ويقول مسؤولون فلسطينيون ان اسرائيل اغتالت نحو 60 نشطا منذ اندلعت الاشتباكات بين اليهود والفلسطينيين في اواخر أيلول سبتمبر الماضي في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقد لا ينتظر بعض الفلسطينيين حتى تقوم السلطة الفلسطينية بملاحقة المتعاونين المشتبه بهم . فقد قام مجهولون فلسطينيون باطلاق النار على اثنين من الفلسطينيين يشتبه في تعاملهما مع اسرائيل . ولقي خمسة متعاونين "معروفين" على الاقل المصير نفسه منذ تفجر الانتفاضة.
إلا أن السلطة الفلسطينية تخشى من أن يكون ذلك خطرا على النظام العام، حيث يقوم كل فرد بدور القاضي والجلاد كيفما يتراءى له ، وبدون الضمانات القانونية التي تكفل حق المشتبه فهيم المزعومين بالدفاع عن أنفسهم .
وأصدر مصدر مسؤول في القيادة الفلسطينية بيانا أكد فيه أن السلطة الفلسطينية هي الجهة الوحيدة التي تحتفظ لنفسها بحق التعامل مع المتعاونين، وهدد بشن حملة إجراءات مشددة ضد أي جهة أو فرد يحاول أن يزعم لنفسه حق أخذ القانون بيديه.
وقال البيان أن "السلطة الوطنية ترفض وتدين كل محاولة من اي جهة لاخذ القانون بيدها وستلاحق اية محاولة من هذا القبيل والمنفذين لها".
ورغم ان السلطة الفلسطينية ترفض إعطاء أي عدد تقريبي للمتعاونين فقد قالت مصادر أمنية ان حملة اجراءات مشددة قد بدأت بالفعل في مختلف انحاء الضفة الغربية وقطاع غزة وأنه قد تم اعتقال 90 شخصا على الاقل من المشتبه في تعاونهم مع إسرائيل.
وطبقا للقانون الفلسطيني فان عقوبة الاعدام لا تنفذ إلا بعد مصادقة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات ، وليس للمتهمين الذين يحاكمون امام محكمة امن الدولة الفلسطينية حق استئناف الاحكام .
وسجلت الكثير من الحالات التي امتنع فيها مواطنون فلسطينيون عن التدخل لانقاذ أي متعاون تقوم التنظيمات الفلسطينية بتصفيته، حيث ينظر الفلسطينيون إلى هؤلاء على أنهم "باعوا وطنهم فباعوا أنفسهم"، على حد قول البيانات التي توزع عنهم.
وتقول طالبة في الجامعة الاسلامية في غزة "أنا مع إعدام العملاء الذين يثبت تورطهم في عمليات قتل ضد أبناء شعبهم لكي يكونوا عبرة وعظة لمن تسول له نفسه ان يكون عميلا لاسرائيل".
غير انها قالت ان امامهم فرصة التوبة وذلك بتسليم انفسهم الى الشرطة والتزامهم بأن يعودوا من جديد لشعبهم لمواجهة المحتلين ".
ولم يكتف الحاج ابو عمران زادة - 55 عاما- بعقوبة الاعدام بل طالب أيضا بمصادرة أملاك من تثبت عليه تهمة المشاركة في قتل أبناء شعبه "أما لو لم يتسبب في عمليات قتل فيمكن إعطاؤه فرصة لكي يتوب ويتم سجنه لكي يتم إصلاحه وتأهيله اجتماعيا".
ويرى مراقبون فلسطينيون ان اجتثاث هذه الظاهرة بشكل كامل وسريع سيكون من الصعب جدا على أجهزة السلطة الفلسطينية، خاصة وان اسرائيل تواصل سيطرتها على المعابر والطرقات وهي الأماكن التي يتم فيها بابتزاز المواطنين الفلسطينيين عبر منحهم تسهيلات معينة نظير قيامهم بالبوح بمعلومات عن النشطاء الفلسطينيين.
ويقول زادة انه رغم كل المبررات التي يمكن ان تساق لتبرير ما يقوم به العملاء والمتعاونين فان ذلك لا يعطيهم الحق في خيانة شعبهم وطعنه في الظه
- الكاتب:
ميدل إيست أونلاين - التصنيف:
قراءات وتحليلات