إن الحديث عن صحافة الأطفال الناطقة باللسان العربي متسع الأرجاء، متعدد الأطراف.. ولكن حديثنا اليوم عن واحدة من أهم الأمور التي تتعلق بهذه النوعية الشديدة الأثر من الصحافة ألا وهو مقاصد صحافة الأطفال، أو بمعنى آخر الأهداف المرجوة من وراء هذه الصحافة، أو الرسالة المراد تحقيقها منها. وهذه بعض المقاصد والأهداف ليست كل الأهداف بالطبع لكنها يمكن أن تكون من أهمها في نظرنا .. ومن هذه الأهداف والمقاصد:
أولا: تنمية المعارف وتزكيتها:
فينبغي أن تعالج صحافة الأطفال مواضيع شتى تتعلق بمختلف مجالات المعرفة التي يمكن للطفل في هذه المرحلة أن يستوعبها، ولابد من تعميم المعارف بمعنى عدم الاقتصار على نوع معين من العلوم وكذلك تبسيط هذه العلوم لتناسب عقلية الطفل.
وفي هذا الجانب يمكن أن تقرب بعض النظريات العلمية بتوخي طرائق التوضيح السهلة المأخذ مع استعمال الجانب العملي والوسائل الموضحة قدر الطاقة، مع استعمال لغة سهلة دون مصطلحات علمية مستصعبة.. والمقصود إيصال المعلومة للطفل والحصول على النتيجة المرجوة بأسهل طريق وأيسر مجهود.
ومع ملاحظة قوة الحافظة عند الأطفال وفي السن المبكرة عموما يجب ترسيخ المعلومة وتقديمها بصورة يمكن أن تبقى في ذاكرة الأطفال ومخيلاتهم، ولا ينبغي التركيز على نوع أو نوعين من مصادر المعرفة ولكن ما أمكن أن يتعلمه الطفل في هذا الوقت فيجب تقديمه له حتى تتوسع مداركه وتتنمى معارفه مما يمكن أن ينتفع به عند الكبر.
ثانيا: غرس القيم الإسلامية والأخلاق النبيلة في الطفل:
ففي وسط هذا الركام الذي تعرضه الصحافة بكل أنواعها، والانفتاح الكامل على العالم، والتوسع في مفهوم الحرية الفردية ضاعت القيم واضمحلت الأخلاق، وتعريض الطفل لصحافة بمثل هذا المفهوم جناية.. ولذلك ينبغي أن تكون من مهمات صحافة الطفل تنشئته على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور في بلاغ تربوي هدفه تزكية نفس الطفل مما قد يعلق بها من أدران التيارات الفكرية والثقافية مختلقة المشارب، واستعمال الجانب القصصي من أبلغ ما يؤثر في الأطفال فينبغي توظيفه في هذا الجانب.
ثالثا: توثيق الصلة بين الطفل وأمته الإسلامية والعربية:
وذلك من خلال تعريفه بمفهوم الأمة، وربطه بتاريخها، وتعريفه بقضاياها الكبرى، وبمدن العالم الإسلامي والعربي وتاريخ تلك المدن وما كان لها من أثر في التاريخ أو في حقبة منه، والخروج بالطفل من بوتقة الجغرافية المحدودة التي لا تكاد تتخطى نطاق بلدته التي يعيش فيها.
وفي توسيع هذه المعرفة وتوثيق الصلة بالمدائن العربية والإسلامية الأخرى تحرر من غول الوطنيات والقوميات وتعميق الصله بين الطفل وإخوانه في البلدان الأخرى، وتأصيل روح الولاء والبراء فيه.
ولابد أن نذكِّر هنا بربط الطفل بتاريخ أمته الإسلامية، والإكثار من قصص وبطولات السلف الصالحين والقادة المجاهدين كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، والشافعي وأحمد ومالك وأبي حنيفة، وذكر فتوحات العظماء كخالد ابن الوليد وصلاح الدين وطارق بن زياد ونور الدين زنكي وغيرهم مما يربي الطفل على محبة أسلافه، وينمي فيه حب المعالي ويجعل من هؤلاء العظماء قدوة لأبنائنا بدلا من ا لمسخ الذي يراد لهم أن يتخذوهم أسوة وقدوة.
رابعأ: تنمية المواهب والمدارك:
فترويض الطف ذهنيا وشحذ مداركه وتدريبه على الأنشطة الفكرية هدف رئيس من أهداف إعلام وصحافة الطفل، ويمكن ذلك عن طريق تقديم النشاطات والألعاب التي ينمو بها الذكاء وتزداد بها جذوته، وكذلك من خلال القراءات والقصص والأحاجي التي يتسع بها الخيال وتصقل بها المواهب وتشحذ بها القرائح.
ولابد تنمية هذه المواهب من خلال عمل المسابقات التي يتنافس فيها الأطفال، وترصد لها جوائز قيمة مع الدعاية لها والتنويه بالفائزين؛ مما يثير روح التنافس بين الأطفال فيأتي الإبداع وتظهر المواهب.
خامسا: غرس ملكة الإبداع الفني والأدبي:
إن القراءة المطردة للقصص والأشعار التي يقرأها الطفل في مجلات الأطفال وصحافتهم يجب أن تكون صافية تساهم في تركيز لغة الطفل وتوطيد صلته باللغة العربية الأم وإذكاء روح الفخر بهذه اللغة، وكثرة مخاطبة الطفل ـ بما يناسبه بالطبع ـ من شأنه أن ينبت في نفسه محبة الأدب، ويبعث فيه روح التقليد ومحبه النسج على منوال ما يقرأ، فينبغي أن تفسح المجالات أمام الأطفال لاستقبال إبداعاتهم وتشجيعهم عليها بالنشر في المجلات ودوام حثهم على الاستمرارية، ورعاية المواهب التي تظهر لتكون نواة لمبدع أو عالم أو أديب.
وفي الختام نقول: إن تحقيق مثل هذه الأهداف ليس بالأمر الهين، ولكنه أيضا ليس بالأمر المستحيل إذا وجدت الرغبة، وخلصت النية، وتوفرت الإمكانات والاحتياجات.. فكلما كانت النوايا صادقة والعزائم دائبة، أمكن تحقيق النتائج المرتقبة بإذن الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
راجع صحافة الأطفال في الوطن العربي (شعيب الغباشي)