تربية الأبناء عملية مستمرة على الوالدين أن يستثمرا فيها المواقف والمناسبات التى تتكرر كل عام، ورمضان أهم هذه المناسبات جميعًا، التى يمكن استغلالها فى تربية أبنائنا فيصيروا تلاميذ فى المدرسة الرمضانية، يتعلمون منها القيم التى تشكل شخصياتهم طوال حياتهم
ـ فكيف نستثمر رمضان تربويًا ؟
- الإجابة في سطور الحوار التالي مع الدكتورة زينب حسن - أستاذة التربية بجامعة عين شمس.
ـ في البداية ما هي أهم القيم التي يمكن أن يتعلمها الأبناء في الجو الإيماني الرمضاني؟
- يختلف استقبال رمضان من وسط اجتماعي إلى آخر؛ حيث يظهر جيدًا وبوضوح الاحتفال في المناطق الشعبية المزدحمة، وفى كل الأحوال على الأسرة أن تعد أبناءها لاستقبال هذا الشهر، وتغتنمه فرصة لبث القيم التربوية في نفوسهم مثل: قيم التحمل، والصبر، والتعاون، والتكافل، والتعاطف، هذا بخلاف المواظبة على العبادات والصلاة فى المساجد بصحبة الأسرة، والتدرب على الصيام، كل حسب سنِّه وقدرته.
ـ كيف يكون رمضان فرصة لتعليم الصغار قيمة الادخار؟
- الطفل في هذا الشهر لا يحتاج مصروفه اليومي إذا كان صائمًا، وهذه فرصة لتعليمه الادخار بتوفير حصالة، وتشجيعه على أن يضع فيها مصروفه أو بعضه، حتى يتجمع لديه مبلغ من المال يشترى به ما يحتاج إليه من لعب وملابس، وكلما رأى الطفل صدق الكبار فى وعودهم - بإعطائه حصيلة ما ادخر - اقتنع بالفكرة واستمر فى تنفيذها.
ـ كيف يكتسب الطفل مراقبة الله من خلال الصوم؟
- الصيام هو الفريضة التى تكون بين الإنسان وربه، ولا يمكن أن يعلم حقيقتها إلا الله، فمن الممكن أن يتظاهر الشخص بأنه صائم، ثم يأكل ويشرب عندما يخلو إلى نفسه، فعلى المربين أن يُفهموا الطفل أن الله مطلع عليه، ويراه حيث لا يراه الناس، وبذلك يدرك الطفل معنى الأمانة، والتحمل، والصبر، ولا تسوِّل له نفسه أن يضعف أمام الجوع والعطش، فيأكل ويشرب، ثم يستمر فى ادعاء الصوم.
ـ هل رمضان وسيلة تربوية لغرس قيمة الصدق فى أبنائنا؟
- وردت كلمة الصدق ومشتقاتها فى القرآن الكريم أكثر من مائة مرة، مما يؤكد أهمية هذه القيمة، وهذا هو مدخل تحبيب الأبناء فى الصدق، آخذين الأمثلة من القصص القرآنى وقصص السنة، ووقائع التاريخ بأسلوب سهل ومبسط وبطريقة مشوقة، كما أن الصدق مع النفس ومع الله في الصوم، يجعل من السهل على الفرد أن يصدق مع الناس قولاً وعملاً، وأهم من ذلك وجود القدوة الصادقة من الآباء والأمهات؛ لأن افتقاد القدوة العملية يفقد الطفل الثقة فيما يقوله الكبار.
ـ الأطفال كثيروا الحركة والنشاط، فهل الصيام وسيلة لتعليمهم الهدوء النفسي والسكينة؟
- على عكس ما يشيعه البعض عن الصيام من أنه سبب للعصبية والمشاحنات، فإن الصيام سبب للهدوء الناتج عن صفاء روح الصائم وبعده عن شهوات الجسد، فليقتنص الآباء فرصة رمضان لإشاعة جو الصفاء والهدوء فى البيت، بالابتعاد عن الصراخ والصوت العالى، والألفاظ التى تحبط الأطفال وتثيرهم، فيشتعل الجو فى الأسرة، وتنتقل إلى الأبناء عدوى الانفعال والعصبية.
ـ كيف نعلِّم الطفل الصوم؟ وفى أي سن نبدأ؟
- من خبرتي الخاصة أرجو من الآباء أن يتركوا أبناءهم يجربون الصيام عندما يطلبون ذلك، فنحن نرى أطفالاً في سن السادسة يتمنون لو صاموا مثل الكبار، وفى هذه الحالة على الأم أن تشجع طفلها، وتبدى له فرحها بأنه يكبر، لكن الصغار مثله لا يصومون مثل الكبار، وعليه أن يتناول طعامه في الصباح، ثم ينوى الصوم، وفى موعد الغذاء يتناول أكلاً خفيفًا، ثم ينوى الصوم، ويطلب منه ألا يتناول أي طعام أو شراب، وينتظر حتى الإفطار، ساعتها يبدأ فى تدريب نفسه على الصوم، ويشعر بفرحة الصائم عند سماعه مدفع الإفطار.
ـ من خلال الجوع والتعب؛ كيف يكون رمضان فرصة للإحساس بالفقراء، وغرس قيمة التعاطف معهم فى نفوس أبنائنا؟
- يتحقق ذلك بأن نوضح للأبناء أن الصيام يشعرنا بالفقراء عندما نجوع ونعطش، رغم أن لدينا ما نأكله على الإفطار، لكن الفقير يجوع؛ لأنه لا يجد ما يأكله على أن يكون ذلك بأسلوب سهل وشيق من خلال الحكايات والقصص التى يحبها الأبناء، وبهذا تنمو لدى الطفل قيمة التكافل الاجتماعى، والعطف على الفقراء، وحمد الله على النعمة التى يعيش فيها وعدم استقلالها وتحقيرها.
ـ رمضان فرصة لفعل الخير وإطعام الفقراء، كيف ندمج أطفالنا فى منظومة العمل الخيرى الجماعى فى رمضان؟
- أتمنى لو أن كل أسرة قادرة أخرجت بعض زكاة مالها فى الشهر الكريم، بحيث يشترك الأطفال فى توزيعها على المحتاجين، سواء كانت نقودًا، أو بعض المواد الغذائية والملابس، فإذا شارك الطفل فى تجميع وتصنيف وتعبئة هذه الأشياء، ثم توزيعها على المحتاجين من الجيران والأهل، صار العمل الجماعى والخيرى سلوكًا أساسيًا فى حياته يتسع نطاقه من الأسرة إلى المسجد إلى الجمعيات الخيرية إلى المجتمع بأسره.