يذكر رجال الإعلام المعاصر أن للإعلام أهدافًا وغاياتٍ نهائية الواجب الوصول إليها من خلال العمليات الإعلامية، ويحددون الأهداف في الأمور الآتية:
1- توفير المعلومات عن الظروف المحيطة بالناس (الأخبار).
2- نقل التراث الثقافي من جيل إلى جيل، والمساعدة على تنشئة الجيل الجديد من الأطفال أو الوافدين الجدد على المجتمع، وهذا ما يطلق عليه: التثقيف والتعليم والتربية.
3- الترفيه عن الجماهير وتخفيف أعباء الحياة عنهم.
4- مساعدة النظام الاجتماعي؛ وذلك بتحقيق الاجتماع والاتفاق بين أفراد الشعب أو الأمة الواحدة عن طريق الإقناع في السيطرة على الجماهير وضمان قيامهم بالأدوار المطلوبة.
أما أمر غاية الإعلام الإسلامي وأهدافه المرحلية الموصلة إليها والمرتبطة بسموها وعظمتها فتختلف تمامًا شكلاً وجوهرًا وواقعًا عن الإعلام الجاهلي وأهدافه وغايته، إذ أن غاية الإعلام الإسلامي هي:
تعبيد هذا الإنسان لخالقه وموجده والمنعم عليه وهو الله عز وجل، إذ أنها الغاية المحددة لوجوده في الحياة: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ}[الذاريات:53-58]. وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}[البينة:5].
ولتحقيق هذه الغاية وتبيينها للمخلوقين أرسل الله الرسل وأنزل الكتب وأمر الرسل وأتباعهم بأن يبلغوا ويُعلموا البشر، فقال جميع الرسل لأقوامهم: {أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}.
ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم كان يتتبع مجالس قريش وأنديتهم وفي مواسمهم وأسواقهم، وهو يقول: "قولوا لا إله إلا الله تفلحوا".
أهداف الإعلام الإسلامي
إن الإعلام الإسلامي لا يقتصر دوره على قضايا معينة يحققها لهذا الإنسان وفيه، ولكنه يتدخل في كل قضية من قضاياه بالدور الملائم والمناسب.
فله أهدافه العقائدية: للإبلاغ بها صافية نقية، ولترسيخها في نفوس المدعوين، ولرد الشبهات المعروضة من قبل المناوئين لصد الآخرين عن الوصول إليها.
وله أهدافه الثقافية: لتعميم الوعي والفهم، والتعليمية للتفقه والمعرفة، والتربوية من أجل إيجاد الفرد الصالح السوي.
وله أهدافه الاجتماعية: الرامية إلى تماسك المجتمع وترابطه، وترسيخ معاني الأخوة والمحبة والإيثار فيه، وغرس روح التعاون على البر والتقوى فيما بينه، وتبدأ أهدافه الإصلاحية بالفرد ثم الأسرة، ثم المجتمع، ثم الحكم في آن واحد.
وله أهدافه الاقتصادية: الرامية إلى تحسين أوضاع الأمة في الكسب والإنفاق وترشيدها في الأخذ والعطاء، والحماية من الغش والاحتكار، والتحذير من النهب والاستغلال، والمحاربة للربا وأكل الحرام، وعرض أفضل الطرق وأيسرها للتجارة وإدارة الأموال دون أن توجد في الأمة ضيقًا وعنتًا أو تسبب للدولة أزمة وخنقًا.
وله أهدافه السياسية: للتوجيه والإرشاد، والنصح والمشورة، والتسديد والإصلاح، وتوثيق العلاقة وتنميتها بين الحاكم والأمة على أساس من العدل والطاعة والالتزام، والرعاية لمصالح الأمة، والمحافظة على أمنها وحريتها، هذا في الداخل، وتنظيم العلاقات الدولية وتحديد مسارها سلمًا وحربًا وصداقة ومعاهدة...إلخ.
وله أهدافه العسكرية الجهادية: للتوعية والاستنفار ورفع الروح المعنوية في صفوف المجاهدين، وللحرب النفسية في الأعداء المحاربين، ثم لكشف المخططات وفضح المؤامرات، وللإسهام في التعبئة العامة والإعداد الشامل من الناحية الفكرية والمعنوية والروح القتالية ... إلخ.
وله أهدافه الترفيهية: للتسلية والترويح، ولتجديد النشاط وأداء الواجبات والقيام بالمسؤوليات، كما أنها أيضًا للتدريب على معاني القوة ووسائل الجهاد في سبيل الله، وهذه من مميزات وخصائص لهو الإسلام؛ لأنه لهو يريح القلب ويدخل السرور والمرح على النفس، وفي نفس الوقت يتعلم منه الجد والنشاط في العبادات، ولذلك كان الترفيه في الإعلام الإسلامي منضبطًا بكونه لا يتنافى مع الآداب وحسن الأخلاق، ولا يتحول إلى عادة في كل صباح ومساء، ولكن كما في الحديث: "ساعة وساعة"، روي عن علي رضي الله عنه: "أن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة".وعنه أيضا: "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلب إذا أكره عمى".
وروى البخاري في الأدب المفرد: "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبادحون (يترامون بالبطيخ)، فإذا كانت الحقائق كانوا هم الرجال".
وما أحسن ما قيل: "أعط القلب حقه من اللهو (المباح) بقدر ما يعطى الطعام من الملح".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب "الإعلام الإسلامي في مواجهة الإعلام المعاصر"