اللعب مع الأطفال خلال الأشهر الأولى من حياتهم قد يحميهم من المشكلات الصحية سواء النفسية أو العضوية .. هذا ما أكده أساتذة العلوم النفسية في لندن.
وقال هؤلاء إن الآباء أو الأمهات الذين يتصرفون بعدوانية وبشكل غير مسؤول مع أطفالهم الصغار ، يؤثرون سلبا على نموهم السليم ويعرقلون عملية تطورهم الطبيعي بدنيا وذهنيا ، مشيرين إلى أن دماغ الطفل يتطور بسرعة في السنة الأولى من حياته.
وأوضح الدكتور بيتر فوناجي ، أستاذ التحليل النفسي في كلية لندن الجامعية, أن الغذاء الذي يعطى للأطفال في بداية حياتهم ، يؤثر كثيرا على أوضاعهم الصحية لاحقا ، منوها إلى أن الدماغ البشري يتطور أسرع خلال الثمانية عشرة شهرا الأولى من حياة الإنسان أكثر من أي وقت أو مرحلة عمرية أخرى ، حيث يصنع الإشارات العصبية والاتصالات التي تتبقى إلى الأبد.
وحذر من أن الوالدين قد يساهمان في إصابة أطفالهم بمشكلات عقلية في المستقبل ، أو حتى زيادة خطر إصابتهم بأمراض القلب أو السكتة ، معربا عن أمله في أن تتخذ الحكومة عددا من الاستراتيجيات المناسبة لتحسين مهارات الأمهات والآباء في العناية بأطفالهم وتربية وإنشاء أجيال ذكية وسليمة للمستقبل.
وأظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين تربوا في بيئات سلبية أو عدوانية لا يستطيعون التعامل مع ضغوطات الحياة والتوترات التي سيواجهونها في المستقبل ، كما أن نوع الاستثارة الذهنية التي يقدمها الآباء لأطفالهم تلعب دورا كبيرا في تحفيز تفكيرهم وقدراتهم الإدراكية .
ولاحظ الباحثون بعد تتبع مجموعة من أطفال متبنين من مراكز الأيتام الرومانية ، أن الأطفال الذين تبنتهم عائلات عطوفة وطيبة قبل بلوغهم الشهر الثامن من عمرهم ، كانوا أكثر قدرة على تحمل التوترات ، واستجابوا بصورة طبيعية لهرمون التوتر "كورتيزول"، من أولئك الذين تم تبنيهم بعد تجاوزهم الشهر الثامن .
وأشار الأطباء إلى وجود نسب متزايدة من الأطفال المصابين بمرض التوحّد أو اضطرابات فرط النشاط وعجز الانتباه الذي يتسبب عن نقص في جزء الدماغ المسؤول عن السيطرة على السلوكيات الاندفاعية والمحافظة على التركيز ، حيث تنمو هذه المنطقة وتتطور في السنوات القليلة الأولى من حياة الإنسان .
وأفاد العلماء أن النقص الشديد في هذه المنطقة الدماغية يميز اضطرابات التوحد ، في حين أن النقص الخفيف قد يسبب مشكلات نفسية كالعنف وميول عدوانية واضطرابات سلوكية ومشكلات اجتماعية ، مشيرين إلى أنه كلما تكلم الآباء أكثر مع أطفالهم ، شجعوا نموهم وتطورهم العقلي الطبيعي والسليم.
وتقترح دراسات أخرى أن نقص الاستثارة الذهنية الإيجابية من قبل الآباء قد يزيد فرص نمو أطفال لا يملكون القدرة على التعبير عن عواطفهم وتفسير ردود الفعل من حولهم.