تقرير خطير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء كشف عن أن هناك 4 ملايين فتاة في مصر تعدين سن الثلاثين ولم يتزوجن .. هذا التقرير أثار العديد من المخاوف حول مستقبل هذا العدد الهائل من الفتيات ، خاصة وأن نسبة كبيرة منهن غير متعلمات وليس لهن مورد زرق سوى إنفاق آبائهن عليهن .. والأخطر من ذلك الفتنة التي قد يتعرضن لها في الوقت الحالي الذي يموج بالتيارات المنحرفة التي تدعو للإنحلال الأخلاقي .. ولأن الإسلام دين لكل زمان ومكان فقد وضع حلاً لهذه المشكلة منذ أربعة عشر قرنًا . عندما أحل للرجل أن يتزوج من أربع سيدات بشرط أن يعدل بينهن .. ونحن في هذا التحقيق نحاول أن نعيد سنة رسولنا صلى الله عليه وسلم كحل لقضية العنوسة التي تهدد مجتمعنا وقد تتسبب في فتنة نساء المسلمين .
د. سعاد صالح أستاذ الفقه بجامعة الأزهر تقول إن الإسلام اهتم كثيرًا بعقد الزواج لأنه أساس بناء الأسرة في الإسلام ، والأسرة هي النظام الذي بقي في غرائز النفس الإنسانية ولذلك فإن له أسسًا يجب أن يقوم عليها من حسن الاختيار والخطبة والكفاءة وعدم الإكراه والإشهار والولى والصداق ، وله أهداف يجب تحقيقها وهي السكن والمودة والرحمة وتربية الأبناء وغير ذلك من المقاصد التي تترتب على الأسرة في الإسلام , وتضيف أن هناك مخالفة لاتباع المنهج الإسلامي في الاختيار لأنه يقوم على أسباب دنيوية من مال أو جمال أو حسب دون الاهتمام بالدين والخلق الصالح وهذا ما أدى إلى انتشار الطلاق والعزوف عن الزواج إلا عند توافر هذه الشروط الدنيوية أو المادية ، فأصبحنا لا نجد الأب الذي يرضى بصاحب الدين والخلق وأيضاً نفس الشيء بالنسبة للفتاة التي أصبحت لا تهتم أكثر إلا بالمطالب المادية التي ترهق الشباب في الحصول عليها سواء كانت مسكنًا أو غير ذلك .
حل مشكلة العنوسة
وترى د. سعاد أن حل هذه المشكلة يتكون من شقين الأول ديني وهو التوعية بأهمية الكفاءة من ناحية الدين والخلق ، والشق الثاني اقتصادي يعتمد على تذليل الصعوبات المادية للشباب وتوفير فرص العمل والمسكن المناسب .
وبالنسبة للجانب الإعلامي فهو في غاية الأهمية حيث يجب على وسائل الإعلام القيام بالتوعية الشاملة عن المشاكل التي تتسبب في إحجام الشباب والفتيات عن الزواج مثل الزواج العرفي والعلاقات غير المشروعة ويجب أن توجه كلمتها إلى الأسرة المسلمة للاقتداء بسنة الرسول في تيسير المهور والحرص على اختيار صاحب الدين والخلق حيث قال رسولنا صلى الله عليه وسلم : [إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير] . وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : [أكثر النساء بركة أيسرهن مهرًا] .
وتضيف أن الإسلام عندما شرع تعدد الزوجات كان لعدد من الأسباب منها القضاء على مشكلة العنوسة وجميعنا يعرف أن أعداد النساء تزيد عن الرجال خاصة أوقات الحرب ، وهناك أسباب أخرى مثل مرض الزوجة وعدم قدرتها على القيام بواجباتها الزوجية أو عقمها ولكن تعدد الزوجات يجب أن يكون قائمًا على العدل .
دور الدولة
استطلعنا رأي د. أحمد شلبي الأستاذ بكلية دار العلوم فقال :
إن تأخير سن الزواج عن السن الطبيعي يعتبر خطرًا كبيرًا على الدولة والمجتمع ككل لأنه قد يتسبب في حدوث انحرافات كثيرة وظهور أمراض لم تكن موجودة في العصور السابقة فلا بد أن يتزوج الرجل في سن الرابعة والعشرين أما المرأة فتتزوج في سن العشرين وهو السن الطبيعي ، أما أن تصل المرأة إلى سن الثلاثين ولم تتزوج فهذا قد يتسبب في عدم قدرتها على القيام بتربية أبنائها تربية إسلامية صحيحة لأن ذلك يحتاج إلى مجهود وقدرة من المرأة . ويطالب شلبي الأسرة المصرية بعدم المغالات في المهور وتجهيزات الزواج .
ويضرب على ذلك مثالاً بما حدث معه عند تخرجه من الجامعة حيث تزوج في شقة فوق السطوح بشبرا كان إيجارها 3 جنيهات ثم انتقل لشقة أخرى فوق السطوح أيضاً بالمعادي وبعد أن بدأ في تكوين مبلغ معقول قام ببناء شقة خاصة به ، وهكذا تكون الحياة كفاحًا حتى يشعر الإنسان بقيمة عمله ، ولكن للأسف الشباب الآن يريد أن يبدأ من فوق والمسألة غاية في الصعوبة خاصة أن الجامعة تخرج مائة ألف شخص كل عام مما تسبب في انتشار البطالة وعدم توافر فرص العمل المناسبة .
ويضيف أن الدولة أيضًا يقع عليها عاتق توفير فرص العمل للشباب وبأجور مناسبة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص ولا بد أن تقوم الدولة أيضًا بواجبها في توفير مساكن للإيجار يستفيد منها الشباب محدودو الدخل بحيث لا يتعدى إيجار الشقة 10% أو 25% من المرتب الذي يحصل عليه الشاب حتى تكون مناسبة .
الظروف الاقتصادية
إبراهيم محمود المحامي يرى أن أهم أسباب تأخير سن الزواج بالنسبة للشباب والفتيات هي الظروف الاقتصادية السيئة وإصرار الآباء على المغالاة في المهور وتكاليف الزواج بسبب الحياة المادية والمظهرية التي يعيشها البعض ويسعى غيرهم إلى التقليد الأعمى رغم عدم قدرتهم على الوفاء بهذه الاحتياجات .
ومن ناحية أخرى فإن انتشار التعليم وارتفاع نسبة الفتيات اللائي حصلن على مؤهلات عليا تسبب في إصابة العديد منهن بالغرور واعتزازهن الزائد بالشخصية ورفض الزواج في سن مبكرة بحجة أنها تسعى لإثبات ذاتها ، وتضيف أنه على الجانب الآخر فإن بعض الشباب يجدون المتعة من خلال علاقات غير مشروعة أو الحصول على متعة زائلة ولكن بشكل قانوني عن طريق الزواج العرفي سواء كان ذلك لأسباب مادية أم عدم القدرة على إقامة أسرة مستقرة أو يكون قادرًا ماديًا ولكنه يفضل ذلك كنوع من الهروب من المسؤولية التي قد تُلقى على عاتقه بإنشاء أسرة .