يعد الخليفة محمد الفاتح أحد السلاطين الأقوياء في الدولة العثمانية . فهو الذي دمر الإمبراطورية البيزنطية ، وفتح عدة ممالك ومدن منها كورنته وغالاتا وارغوس وجنوه ، وقاد الجيش بنفسه في حصار بلغراد عاصمة صربية تم فتحها بفضل الله واستولى على مملكة طرانبرون اليونانية ، وفي عام 1462م فتح رومانيا ، والبوسنة والهرسك وأصبحت ألبانيا وقونية جزءا من الدولة العثمانية.
وفي عام 1476م فتح هنغاريا وملدوفيا.. ويكفيه فخراً وعزاً أنه حقق بشارة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : " لتفتحن القسطنطينية ، فنعم الأمير أميرها، ونعم الجيش ذلك الجيش " .
أما قصة قتله لأخيه الرضيع أحمد فهي قصة مكذوبة وضعها أعداء الدولة العثمانية لتشويه سيرة هذا البطل المجاهد السلطان محمد الفاتح رحمه الله .
والأدلة على هذه القصة المكذوبة ما يلي :
1ـ إن الثابت أن أحمد مات غريقا في حوض الماء بعد أن غفلت عنه مربيته .
2ـ هل يعقل أن سلطاناً كبيراً يغار من أخ له رضيع أقصى مناه مذقة حليب ، ولا يمكن التنبؤ بنواياه وأطماعه فيقتله استباقا للأحداث بدلا من أن يربيه على طاعة الله وطاعة رسوله وعلى الإخلاص .. ويشربه الولاء لدولة الخلافة .
2ـ إن السلطان محمد الفاتح تربى تربية إسلامية على يد ثلة من علماء عصره مثل الشيخ محمد جبلي زاده الشيخ سراج الدين الحبلي ، والشيخ إسماعيل الكوراني ( الذي كان الفاتح يسميه أبا حنفية زمانه ) .
4ـ أنها نقلت بدون خطام أو زمام .. وإنما لفقها أحد أعدائه ..
5ـ طريقة القتل المزعومة تبين سخف وبطلان هذه القصة: فقد زعم مروجو هذه الفرية أن السلطان محمد الفاتح أرسل أحد قواده واسمه علي بك إلى جناح النساء لقتل أخيه الرضيع ، فلما علم علي بك أن الطفل موجود في حمام النساء حيث تقوم مربيته بغسله ، اقتحم الحمام وأمسك بالطفل الرضيع وغطسه تحت الماء حتى مات مختنقاً غرقا .. أي هراء ... هذا .
وهل يصدق عاقل أن محمد الفاتح ، وهو الذكي المحنك يقدم على قتل أخيه الرضيع بهذه الصورة المكشوفة الساذجة ... ؟ وهل يصدق عاقل أن محمدا الفاتح كان عاجزاً عن تكليف إحدى النساء ، كزوجته ، أو إحدى خادماتها بتنفيذ عملية القتل من دون إثارة انتباه أحد .. بدل أن يرسل رجلاً إلى جناح النساء ، وهو أمر غير مألوف ، بأن يقتحم هذا الرجل حمام النساء .. حيث يكن متحللات من حجابهن ومتخففات من كثير ملابسهن ، وفي ذلك ما فيه من خروج مستهجن عن المألوف ، من شأنه لو تحقق فعلاً أن يثير من ضجيجهن ، وصخبهن ، ما يضطر ذلك الرجل إلى الفرار قبل أن ينفذ مآربه ، مهما بلغت به الجرأة والنذالة ؟ ! إذن ما حقيقة هذه الفرية ..
الحقيقة هي أن المربية التي كانت موكلاً إليها أمر العناية بالطفل الرضيع أحمد ، انشغلت لبعض شأنها بينما كانت تغسله ... فوقع في حوض الماء .. فمات مختنقا غرقا قبل أن تتداركه الأيدي التي امتدت لإنقاذه بعد فوات الأوان .
فتبين مما سبق براءة السلطان محمد الفاتح من تلك التهمة .. وإنما هي فرية صنعها الحاقدون الحاسدون .
عسى الله أن يكفينا شر كل حقود وحسود بمنه وفضله .. اللهم آمين.