خلاصة الفتوى: من أعظم ما يرقق الرجل على أهله أن يعلم حقهم عليه وما ثبت من الوعد والوعيد في نصوص الوحي في عشرتهم، وأن يؤدوا له حقه إضافة إلى كثرة الدعاء والحرص على تقوية إيمانه.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان أعظم ما يساعد على ما ذكرت أن يعلم الزوج ما عليه من الحقوق لزوجته وأولاده، وما له من الأجر العظيم في الإحسان إليهم والرحمة والرفق بهم، وقد ثبت في ذلك عدة أحاديث منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قبل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنهما، وعنده الأقرع بن حابسٍ، فقال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد ما قبلت منهم أحداً. فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من لا يرحم لا يرحم متفقٌ عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم ناسٌ من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: أتقبلون صبيانكم ؟ فقال: نعم، قالوا: لكنا والله ما نقبل ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو أملك إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة ! متفقٌ عليه.
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من لا يرحم الناس لا يرحمه الله. متفقٌ عليه.
وعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين وضم أصابعه. رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: دخلت علي امرأةٌ ومعها ابنتان لها تسأل، فلم تجد عندي شيئاً غير تمرةٍ واحدةٍ، فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها، ثم قامت فخرجت، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم علينا، فأخبرته فقال: من ابتلي من هذه البنات بشيءٍ فأحسن إليهن كن له ستراً من النار. متفقٌ عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: جاءتني مسكينةٌ تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمراتٍ، فأعطت كل واحدةٍ منهما تمرةً ورفعت إلى فيها تمرةً لتأكلها، فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما، فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أوجب لها بها الجنة، أو أعتقها بها من النار. رواه مسلم.
وعن أبي شريحٍ خويلد بن عمروٍ الخزاعي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم إني أحرج حق الضعيفين: اليتيم والمرأة. حديث حسن رواه النسائي بإسنادٍ جيدٍ.
وعن عمرو بن الأحوص الجشمي رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول بعد أن حمد الله تعالى وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال: ألا واستوصوا بالنساء خيراً، فإنما هن عوانٍ عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك إلا أن يأتين بفاحشةٍ مبينةٍ، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضرباً غير مبرحٍ، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً؛ ألا إن لكم على نسائكم حقاً، ولنسائكم عليكم حقاً؛ فحقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيحٌ.
وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله؛ ما حق زوجة أحدنا عليه ؟ قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت. حديثٌ حسنٌ رواه أبو داود وقال: معنى لا تقبح أي: لا تقل قبحك الله.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لنسائهم. رواه الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.
ثم إن من أعظم ما يعين على ذلك أيضا بر الأبناء أباهم، وإحسان المرأة عشرة زوجها وطاعته والحرص على رضاه، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها. رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأةٍ ماتت وزوجها عنها راضٍ دخلت الجنة. رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تؤذي امرأةٌ زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله ! فإنما هو عندك دخيلٌ يوشك أن يفارقك إلينا رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
وقال صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم.. فذكر منهم: وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط. رواه الترمذي من حديث أبي أمامة وحسنه ا لألباني.
وعن حصين بن محصن قال: حدثتني عمتي قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حاجة، فقال: أي هذه، أذات بعل أنت؟ قالت: نعم، قال: كيف أنت له؟ قالت: ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال: فأين أنت منه، فإنما هو جنتك ونارك. رواه مالك والحاكم وغيرهما.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا. رواه البخاري في الأدب المفرد وقال الألباني: صـحـيـح.
واستعيني بالله في هداية الجميع فهو مصرف القلوب وملينها واحرصي على تقديم وجبة إيمانية لك وللزوج والأولاد كل يوم تدارسينهم فيها من آيات وأحاديث الترغيب والترهيب والرقائق والتذكير بالموت وعذاب القبر وأهوال القيامة وعذاب العصاة ونعيم الطائعين مع التسلية بالنظر في قصص الأنبياء وسير السلف وتاريخهم، وحبذا لو أمكنك اقتناء بعض الوسائل الصغيرة والأشرطة المفيدة لبعض الكتاب أو الدعاة المؤثرين التربويين ونحيلك على كتب متخصصة في التربية الحسنة للأبناء يحسن تدارسها مع الزوج، وهي: مسؤولية الأب المسلم مرحلة الطفولة. تأليف: عدنان حسن باحارث.
وكتاب: منهج التربية النبوية للطفل. تأليف محمد نور سويد.
وكتاب: تربية الأولاد في الإسلام. لعبد الله ناصح علوان.
والله أعلم.