الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من اختصاصنا البحث عن مثل هذه العناوين لأن الموقع مشغول ببيان الأحكام الشرعية العلمية فقط، والأصل أنه لا يجوز السفر إلى بلاد غير المسلمين إلا لضرورة كطلب علم لا يوجد في بلاد المسلمين مع حاجة الفرد أو جماعة المسلمين إليه، وكذا الدعوة إلى الله تعالى ونحو ذلك، وذلك لما يترتب على السفر إلى تلك البلاد من المفاسد خصوصا في جانب الأخلاق، ومع ذلك فإن المرء إذا أمن على نفسه وأهله من الوقوع في الفتن، وقدر على إقامة شعائر الإسلام فإن أهل العلم لا يرون بأساً في هجرته، والأدلة الواردة في عدم جواز الإقامة في بلاد الكفار محمولة على من يكون غير قادر على إقامة شعائر الإسلام وغير آمن على دينه، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين. قالوا: يا رسول الله، لم؟ قال: لا تراءى ناراهما. رواه أبو ادود والنسائي والترمذي، وصححه الألباني، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله عن هذا الحديث: وهذا محمول على من لم يأمن على دينه.
وكقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا {النساء:97}، قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: هذه الأية عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين، فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع وبنص الآية.
وأما إذا خشي على دينه بالإقامة في بلاد الكفر فتجب عليه الهجرة منها إلى بلد آمن، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10334، والفتوى رقم: 2007.
وأما بر الأم فهو من آكد الواجبات، فاحرص على رضاها مهما كان حالك فبرها ودعاؤها خير لك، فعن أبي هريرة قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك. متفق عليه.
والله أعلم.