الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان هؤلاء الباعة يشوشون على المصلين في المسجد بصياحهم ويؤذونهم بكلامهم القبيح ونحو ذلك، فهذا شيء قبيح ولا بد من إزالته لمن أمكنه ذلك سواء كانت السلطات أو جماعة المصلين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أذية المصلي للمصلي برفع صوته بالقرآن، فقال: إن المصلي يناجي ربه عز وجل فلينظر بم يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن. رواه أحمد وصححه ابن عبد البر وغيره.
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: ألا إن كلكم مناج ربه، فلا يؤذين بعضكم بعضاً، ولا يرفع بعضكم على بعض بالقراءة. رواه أبو داود والنسائي والبيهقي والحاكم. فإذا كان هذا النهي في رفع الصوت بالقراءة فما بالك برفع الصوت بغيره من الكلام؟! ومن علم بحال هؤلاء وشاهدهم وأدرك أذيتهم واشترى منهم فإنه قد شاركهم في سوء فعلهم، ولكن لا يرقى صنيعهم هذا إلى الحرمة؛ بل هو مكروه، قال النووي في المجموع: تكره الخصومة في المسجد ورفع الصوت فيه وكذا البيع والشراء والإجارة ونحوه من العقود هذا هو الصحيح المشهور. انتهى.
وننبه إلى أنهم لو افترشوا حريم المسجد وضيقوا على المصلين فإنه يحرم عليهم المكث في ذلك المكان، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري رحمه الله تعالى: ويمنع من ارتفاق بحريمه ضار بأهله، ولا يجوز للإمام الإذن فيه، فإن لم يضر بأهله جاز الارتفاق المذكور، والإذن فيه.
وعليه؛ فإننا نرى أن حلفك على أن من شاركهم آثم خطأ ولا تلزمك فيه كفارة لأن من حلف على شيء يظنه صحيحاً فتبين أنه خطأ فلا كفارة عليه، قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: ومن حلف على شيء يظنه كما حلف، فلم يكن فلا كفارة عليه، لأن هذا من لغو اليمين. وأكثر أهل العلم على أن هذه اليمين لا كفارة فيها، قاله ابن المنذر... وننصحك بمواصلة النصح برفق ولين والسعي في كسب عدد من المصلين الذين يمكن أن يناصروك في منع هؤلاء الباعة من رفع الصوت، أو طردهم من حريم المسجد.
والله أعلم.