الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كانت الأخوات قد تنازلن عن إرثهن في قطعة الأرض المذكورة لأخيهن مقابل ما قام به من تربيتهن ورعايتهن وتزويجهن فلا حرج عليه في أخذ حقهم جميعاً وكذا أخوه ما دمن قد رضين بذلك، ولا حرج عليه في هذه الحالة أن يعطي قطعة الأرض الباقية لولد أخته المتوفاه قبل أبيها وهو تبرع منه وليس بإرث لأن أم هذا الولد لم ترث لموتها قبل أبيها، فإن أبى هذا الولد قبول الهبة فإنها لا تزال في ملك مالكها فله أن يتصرف فيها كما يشاء ويأخذها ورثته من بعده.
أما إذا علم أنهن لم يتنازلن عن ذلك فليس له ولا لأخيه أخذها؛ بل لا بد أن تقسم على الورثة الأولين ثم ورثتهم يرثونها من بعدهم، إلا إذا علم أن هذا الأخ أنفق عليهن وجهزهن للنكاح بنية الرجوع فله أخذ قدر ما أنفق فقط ورد الباقي لورثتهن. وليس لأخيه الآخر أن يأخذ شيئاً إلا إذا كان ذلك مما أخذه أخوه مقابل إنفاقه ورضي له بذلك، وقد نص جماعة من أهل العلم على أن للمنفق أن يأخذ بقدر ما أنفق إذا نوى الرجوع، سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجل ماتت زوجته، وخلفت له ثلاث بنات: فأعطاهم لحميه وحماته وقال: روحوا بهم إلى بلدكم، حتى أجيء إليهم، فغاب عنهم، فأجاب بقوله: ما أنفقوه عليهم بالمعروف بنية الرجوع به على والدهم فلهم الرجوع به عليه، إذا كان ممن تلزمه نفقتهم.
وقال ابن رجب رحمه الله: نفقة الرقيق والزوجات والأقارب والبهائم إذا امتنع من يجب عليه النفقة فأنفق عليهما غيره بنية الرجوع فله الرجوع كقضاء الديون، ذكره القاضي في خلافه وابن عقيل في مفرداته.
والله أعلم.