الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالجزئية التي سألت عنها مرة أخرى موجود جوابها في الجواب السابق وهو قولنا (فلا يلزمك ما تقوم به من غسل للحذاء أو القدم أو أسفل البنطال، لأن الحصى الصغيرة التي ذكرتها تشك في نجاستها والأصل في الأشياء الطهارة حتى تثبت نجاستها)، ولم تثبت لك نجاستها، ونحن نرى أن شكك في نجاسة الحصى في الطرقات قد يكون نوعاً من استدراج الشيطان لك ليدخلك في دوامة الوساوس والشكوك لتلقى ما تلقى بعد ذلك من العنت والمشقة، فينبغي أن تنتبه لهذا.
وأما ما زدناه من الافتراض فهو في حالة ما إذا تيقنت نجاستها ولكن لاقت رجلك وهي جافة، وما دمت قد ذكرت أن رجلك تكون مبلولة بالعرق فإن هذا الافتراض غير وارد في حقك وتقتصر على الأصل السابق وهو الحكم بطهارة هذه الحصى حتى تعلم نجاستها، فإن علمت نجاستها لزمك غسل قدمك قبل الصلاة إلا إذا كان ما لاقى رجلك يسيراً عرفاً فهو معفو عنه للمشقة والعسر، قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: ويعفى عن قليل طين الشوارع النجس لعسر تجنبه بخلاف كثيره كدم الأجنبي قال الزركشي: وقضية إطلاقهم العفو عنه ولو اختلط بنجاسة كلب أو نحوه وهو المتجه لا سيما في موضع يكثر فيه الكلاب، لأن الشوارع معدن النجاسات والقليل ما لا ينسب صاحبه إلى سقطة أي على شيء من بدنه أو كبوة. على وجهه أو قلة تحفظ وهو ما يتعذر الاحتراز منه غالباً ويختلف بالوقت وبموضعه من الثوب والبدن، وخرج بالنجس غيره فطاهر، وإن ظن نجاسته عملا بالأصل.
والله أعلم.