الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعرب في جاهليتهم كانوا يعرفون الله تعالى ويعظمونه، ويؤمنون بأنه الخالق الرازق المحيي المميت، ولكن الضلال جاءهم من كونهم يشركون معه غيره من الأصنام والأحجار والأشجار، ويعتقدون أنها تشفع لهم عند الله. قال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ {الزخرف:87}. وقال تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ العَزِيزُ العَلِيمُ {الزُّخرف:9}. وقال تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ {يونس:31}. وقال تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ {يونس:18}. وقال: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى {الزمر:3}.
وأخبر الله تعالى أنهم في حال الشدة ينسون معبوداتهم ويلجأون إلى الله وحده، قال سبحانه: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ {العنكبوت:65} .
فهم -إذاً- كان الكثيرون منهم موحدين توحيد الربوبية، وأما الذي يفقدونه جميعًا فهو توحيد الألوهية.
فإذا تقرر هذا علمت أنه لا غرابة بعدُ في أن تجد من بين الأسماء في الجاهلية عبد الله إلى جانب الأسماء الأخرى كعبد العزى وعبد الكعبة وعبد الدار وغير ذلك...
والله أعلم.