الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننبه بداية إلى أن هناك فرقا بين الغرر والجهالة كما نبه على ذلك الإمام القرافي بقوله : الغرر هو الذي لا يدرى هل يحصل أم لا ؟ كبيع الطير في الهواء والسمك في الماء ، وأما ما علم حصوله وجهلت صفته فهو المجهول كبيعه ما في كمه فهو يحصل قطعا لكن لا يدرى أي شيء هو.
وبهذا يعلم أن المؤثر في عدم جواز هذا البيع هو الجهالة لا الغرر ، لأن ما بداخل الأكياس هو حاصل قطعا لكن لا يدرى ما هي صفته، وقد نص الفقهاء على أن من شروط صحة البيع أن يكون كل من المبيع والثمن معلوما لطرفي العقد علما يمنع الجهالة التي تفضي إلى المنازعة وهذا محل اتفاق بينهم .
ومن نصوص الحنفية في ذلك ما جاء في بدائع الصنائع في شروط البيع: ( ومنها ) أن يكون المبيع معلوما وثمنه معلوما علما يمنع من المنازعة . فإن كان أحدهما مجهولا جهالة مفضية إلى المنازعة فسد البيع.
والحل الشرعي لذلك هو أن يتم فتح الأكياس حتى يعلم المبيع أو تكون الأكياس شفافة يمكن رؤية المبيع من خلالها أو يكتب على هذه الأكياس أوصاف ما بداخلها ويكون للمشتري الخيار إذا وجدها بخلاف ذلك كما هو الحال في بيع العين الغائبة بالصفة .
وإذا تم تصحيح البيع على النحو المذكور فلا يجوز أن تباع هذه الأغراض قبل نقلها من أماكنها، فقد أخرج أبو داود من حديث زيد بن ثابت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
والله أعلم .