الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقولك: قلت بيني وبين نفسي إني إن نجحت سأقوم بما يلي:
أن أصوم ثمانية أيام متتالية وأختم القرآن مرة وأدفع مبلغا من المال وأداوم على الصلاة وأقلع عن معصية كنت أقوم بها ولكني نادمة عليها حقا...
ثم قولك بعد ذلك: وبعد أن نجحت تحدثت إلى أخي بما نويت...، كلها أمور تفيد أنك لم تنطقي بما أردته من الالتزام، وإنما اقتصرت على نية فعله فقط.
والنذر لا يلزم بالنية في قول كثير من أهل العلم. فقد جاء في المجموع للنووي وهو من كتب الشافعية: قال أصحابنا: يصح النذر بالقول من غير نية، كما يصح الوقف والعتق باللفظ بلا نية. وهل يصح بالنية من غير قول أو بالإشعار أو التقليد أو الذبح مع النية؟ فيه الخلاف الذي ذكره المصنف. (الصحيح) باتفاق الأصحاب أنه لا يصح إلا بالقول ولا تنفع النية وحدها...
وجاء في الإنصاف، وهو من كتب الحنابلة: ولا يصح [يعني النذر] إلا بالقول... هذا المذهب، وعليه الأصحاب. قال الزركشي: وهو المذهب المجزوم به لعامة الأصحاب. وجزم به في الوجيز وغيره. وقدمه في الهداية والمذهب ومسبوك الذهب والمستوعب والخلاصة والهادي والكافي والمحرر والرعايتين والنظم والحاوي الصغير والفروع والفائق وغيرهم...
وللمالكية قولان في المسألة، فقد جاء في مواهب الجليل للحطاب: هل ينعقد النذر بالكلام النفسي وحده أو لا ينعقد أو يدخله الخلاف كما في اليمين...؟
ولم نقف على شيء صريح في المسألة في الفقه الحنفي، ولكن قواعد مذهبهم تفيد أنه لا يلزم بالنذر إلا ما كان ملفوظا. جاء في نصب الراية: (ولو قال علي الخروج أو الذهاب إلى بيت الله تعالى فلا شيء عليه)؛ لأن التزام الحج أو العمرة بهذا اللفظ غير متعارف...
وعليه، فلا نرى أن عليك شيئا فيما التزمت به، طالما أنك لم تتلفظي به، وأنه كان مجرد كلام نفسي.
ولكن لا بأس بالوفاء بهذا الالتزام، وإن عجزت عن ذلك فلا بأس بدفع كفارة يمين، مراعاة لمن يقول بلزوم النذر في مثل حالتك.
وعلى أية حال، فإنا ننصحك بالابتعاد عن مثل هذه الالتزامات، لما ورد فيها من النهي، كما ننصحك بالابتعاد عن المعصية، والحذر من خطوات الشيطان.
والله أعلم.