الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأصل هو جمع المال للتخلص من الدين؛ لما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه من قضاء؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى عليه؛ وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال: أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فهو لورثته.
ولكن تجوز الصدقة مع الدين، وقد فصل ذلك الإمام النووي -رحمه الله تعالى- ذلك في المجموع فقال: إذا أراد صدقة التطوع وعليه دين، فقد أطلق المصنف -الشيرازي- وشيخه أبو الطيب وابن الصباغ والبغوي وآخرون، أنه لا تجوز صدقة التطوع لمن هو محتاج إلى ما يتصدق به لقضاء دينه. وقال المتولي وآخرون: يكره، وقال الماوردي والغزالي وآخرون: لا يستحب، وقال الرافعي: لا يستحب، وربما قيل: يكره هذا كلامه، والمختار أنه إن غلب على ظنه حصول الوفاء من جهة أخرى فلا بأس بالصدقة وقد تستحب، وإلا فلا تحل، وعلى هذا التفصيل يحمل كلام الأصحاب المطلق.
وما دام الدين مقسطاً كل شهر ولك راتب فلا مانع من أن تتصدق بما يزيد عن القسط.
والله أعلم.