الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن ترتب عليه سجود سهو قبل السلام وأحدث أثناء هذا السجود فقد بطلت صلاته، ولو كان السجود قبل السلام تأخر عن محله بحيث وقع بعد السلام، ففي نهاية المحتاج ممزوجاً بالمنهاج وهو شافعي متحدثاً عن من سلم قبل سجود السهو ولم يحصل طول: (وإذا سجد) أي أراد السجود، وإن لم يَشرع فيه بالفعل كما أشعر به كلام الإمام والغزالي وغيرهما وأفتى به الوالد رحمه الله تعالى (صار عائداً إلى الصلاة في الأصح) من غير إحرام لتبين عدم خروجه منها، ولهذا قال في الخادم: إن الصواب أن معنى قولهم صار عائداً للصلاة، أنا نتبين بعوده عدم خروجه منها أصلاً، لأنه يستحيل حقيقة الخروج منها ثم العود إليها، وأن سلامه وقع لغوا لعذره بكونه لم يأت به إلا لنسيانه ما عليه من السهو فيعيده وجوباً، وتبطل صلاته بنحو حدثه. انتهى.
وعند المالكية يصح تأخير سجود السهو الذي كان محله قبل السلام إلى ما بعده مع كراهة ذلك، ففي شرح الخرشي لمختصر خليل المالكي: وصح سجود السهو إن قدم بعديه ولو عمدا رعيا لمذهب الشافعي، ولا يجوز ابتداء. أو أخر قبليه رعياً لمذهب أبي حنيفة، ويكره ابتداء. انتهى.
وفي الإحداث حال هذا السجود تفصيل عندهم، خلاصته أنه إذا كان السجود الذي ترتب عليك قبل السلام وهو ما كان سببه النقص من الصلاة ولو صاحب النقص زيادة أخرى ثم أخرته وأحدثت أثناءه فقد بطل هو وفات. لكن هل تبطل الصلاة أم لا؟ الجواب: أنه إن كان السجود عن ترك ثلاث سنن بطلت الصلاة وإلا فلا، وإن كان السجود المترتب عليك محله بعد السلام وهو ما كان بسبب الزيادة المحضة فصلاتك صحيحة، لكن يسن أن تتوضأ ثم تأتي بالسجود المذكور، ففي التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة قال مالك: من نسي سجود السهو بعد السلام فليسجده متى ما ذكر ولو بعد شهر، ولو انتقض وضوؤه توضأ وقضاهما. انتهى..
وبهذا يتضح للسائل أن من نقص من صلاته ونسي أن يسجد قبل السلام أو أخره عند من يجوز تأخيره وسجد بعد السلام ثم أحدث أثناء السجود أن من أهل العلم من يرى بطلان صلاته، ومنهم من يفصل كما أسلفنا.
والله أعلم.