الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه نريد أولاً أن نوصيك بأن لا تقلقي كل هذا القلق مما ابتلاك الله به، فقد يكون لك فيه من الخير والأجر الجزيل ما لو علمت به لتمنيت لو بقيت على هذه الحال، قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ {البقرة:216}، وقال جل من قائل: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}، ثم اعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، فعليك أن ترضى بقضاء الله تعالى وقدره، ففي الحديث: فمن رضي فله الرضى، ومن سخط فله السخط. والجئي إلى الله تعالى بأن يُذهب ما بك، وأن يسهل أمرك، ويختار لك الذي فيه الخير.
وفيما يتعلق بموضوع علاج السحر بالسحر، وما قلت إنك سمعته في إحدى القنوات على فم شيخ من الأزهر أنه يجوز علاج السحر بالسحر في الحالات المستعصية، فجوابه أنا لا ننكر أن يكون شيخ من شيوخ الأزهر قد قال به، وقد سبقه إليه طائفة من علماء الحنابلة، قال الحجاوي في الإقناع: وإن كان -يعني حل السحر- بشيء من السحر، فقد توقف فيه أحمد والمذهب جوازه ضرورة. انتهى. وقال ابن مفلح في تصحيح الفروع نقلا عن الآداب الكبرى: ويحتمل أنه لا بأس به، لأنه محض نفع لأخيه المسلم. انتهى. وقال البهوتي في كشاف القناع: قال في المغني: توقف أحمد في الحل، وهو إلى الجواز أميل. انتهى.
ولكن الذي عليه جمهور العلماء هو تحريم حل السحر بالسحر، قال ابن القيم في أعلام الموقعين: والنشرة من السحر عن المسحور، وهي نوعان: حل سحر بسحر مثله، وهو الذي من عمل الشيطان. انتهى.
وقال حافظ أحمد حكمي: وحله بالوحي نصا يشرع: أما بسحر مثله فيمنع.
فيجب على المسلم إن أراد السلامة البعد عن السحر مطلقاً، وأن لا يلجأ إليه بحال، لما يترتب عليه من المفاسد التي لا حصر لها، كاستغلال حاجة الناس من جهة الساحر، وفساد عقيدة طالبيه للعلاج باعتقادهم النفع والضر فيه، وزهد الناس في العلاج القرآني، ونسأل الله أن يشفيك شفاء تاماً، ويحقق لك رغبتك، ويأخذ بناصيتك إلى ما فيه الخير والصلاح لك.
واعلمي أن الله سبحانه قد قدر المقادير قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وينبغي للمؤمن أن يتيقن أن ما جعله الله سبباً مباحاً يكفي لتحصيل ما قد قدره الله له، وإن لم يكن الله قد قدره له فالحرام لن يوصل إليه شيئاً لم يقدر له، فينبغي للأخت أن تطلب العلاج المشروع، ثم تفوض أمرها إلى الله، وما اختاره الله لها خير مما اختارته لنفسها.
والله أعلم.