الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالسارق إذا توفرت فيه شروط القطع في السرقة وجيء به إلى الإمام وجب قطعه، لقول الله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {المائدة:38}، ولا يسقط هذا الحد برد المسروقات أو عدم ردها، ولكن رد المسروقات واجب آخر، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه.
ولم يختلف أهل العلم في وجوب قطع السارق إذا توفرت فيه شروط القطع، ولا في رد المسروق إذا كان قائماً، ولا في ضمانه إذا لم يقطع السارق لأي سبب، وإنما الخلاف فيما إذا كان يجوز الجمع على السارق بين القطع والضمان فيما إذا تلف الشيء المسروق، فذهب الحنفية في المشهور من مذهبهم إلى عدم الضمان، ورأى المالكية ضمان المسروق -إن تلف- بشرط أن يكون السارق موسراً من وقت السرقة إلى وقت القطع، وذهب الشافعية والحنابلة وأكثر أهل العلم إلى وجوب الضمان مطلقاً، سواء كان السارق موسراً أو معسراً، وسواء تلف المسروق بهلاك أو استهلاك، وسواء أقيم الحد على السارق أو لم يقم، فالقطع والضمان يجتمعان، لأن القطع لحق الله تعالى، والضمان لحق العبد.
والله أعلم.